يرمز إلى أنهم لم يتعهدوها ولم يعرفوا قَدْرَ النعمة فيها. فبنفس الإضاءة أُخذوا عن أنفسهم وأنساهم البطرُ والفرحُ تعهّدها فأخذها الله عنهم..

وأما إسنادُ ﹛﴿ ذَهَبَ ﴾|﹜ إلى ﹛﴿ اللّٰهُ ﴾|﹜ فإشارة إلى قطع رجاءين: رجاءِ التعمير ورجاءِ الرحمة؛ لأنه يشير إلى أن الآفة سماويةٌ لا تقبل التعمير، ويرمز إلى أنه جزاءٌ لقصور المرء، ولهذا يأخذه الله تعالى. فينقطع المتمسك به عند انقطاع الأسباب، وهو أملُ الرحمة. إذ لا يُستعان من الحق على إبطال الحق.

وأما «الباء» فإشارة إلى اليأس عن العَود؛ إذ لا رادَّ لما أخذه الله للفرق البيّن بين ذهبَ به أي استصحبَه، وبين أذهَبه أي أرسله، وذهب أي انطلق؛ لإمكان العَود في الآخرَين دون الأول.

وأما «النور» ففيه إيماء لطيف إلى تذكُّر حالِهم على الصراط.

وأما الإضافة في «هُمْ» المفيدةُ للاختصاص، فإشارة إلى شدّة تأثرهم؛ إذ مَن انطفأت نارُه فقط مع أن نار الناس تلتهب أشدُّ تألماً.

ولله درّ التنزيل ما ألطفَه في فنون البلاغة! ألَم ترَ كيف توجهت هيئاتُها إلى الغرض الكلّيّ، أعني الدهشةَ مع اليأس، كالحوض في ملتقى الأودية؟.

ثم أمعِن النظرَ في ﹛﴿ وَتَرَكَهُمْ ف۪ي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾|﹜:

أما «الواو» فإشارة إلى أنهم جمعوا بين الخسارتين؛ سُلبوا ضياءً، وأُلبسوا ظلمةً.

أما «تَرَك» بدلَ «أبقى» أو غيرِه فإشارة إلى أنهم صاروا كجسد بلا روح، وقشر بلا لبّ. فمن شأنهم أن يُترَكوا سُدىً ويُلقَوْا ظِهرياً.

وأما ﹛﴿ ف۪ي ﴾|﹜ فرمزٌ إلى أنه انعدمَ في نظرهم كلُّ شيء، ولم يبق إلّا عنوانُ العدم، وهو الظلمة فصارت ظرفاً وقبراً لهم.

وأما جمع ﹛﴿ ظُلُمَاتٍ ﴾|﹜ فإيماء إلى أن سَواد الليل وظلمةَ السحاب أولَدتا في روحهم ظلمةَ اليأس والخوف، وفي مكانهم ظلمةَ التوحش والدهشة، وفي زمانهم ظلمةَ السكون


Yükleniyor...