الاتصال وكمال الانقطاع. مع أن هذه الجملة بدلٌ بجهةٍ وتأكيدٌ بجهة، وهما من كمال الاتصال، وجوابُ سؤالٍ مقدَّر بجهة أخرى، وهو من كمال الانقطاع لخبَرية الجواب وإنشائية السؤال في الأغلب.. أمّا وجهُ التأكيد -ويقربُ منه البدل- فهو أن مآلها إهانةُ الحق وأهله فيكون تعظيماً للباطل وأهلِه، وهو مآل ﹛﴿ اِنَّا مَعَكُمْ ﴾|﹜ .. وأما وجهُ الجوابية للسؤال المقدّر فكأن شياطينَهم يقولون لهم: «إن كنتم معنا وفي مسلكنا فما بالكم توافقون المؤمنين؟ فإما أنتم في مذهبهم أو لا مذهبَ لكم» فاعتذَروا مجيبين ب ﹛﴿ اِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُ۫نَ ﴾|﹜ فصرّحوا بأنهم ليسوا من الإسلام في شيء، وأشاروا بحصر ﹛﴿ اِنَّمَا ﴾|﹜ إلى أنهم ليسوا مذبذبين بلا مذهب معلوم، وباسمية ﹛﴿ مُسْتَهْزِؤُ۫نَ ﴾|﹜ إلى أن الاستهزاء شأنُهم وصفتُهم. ففعلُهم هذا ليس بالجِدّ.
وأما جملة ﹛﴿ اَللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ﴾|﹜ فاعلم أنها لم توصَل بسوابقها بل فُصِلت فصلاً؛ لأنها لو عُطفت فإما على ﹛﴿ اِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُ۫نَ ﴾|﹜ وهو يقتضي أن تكون هذه أيضاً تأكيداً ل ﹛﴿ اِنَّا مَعَكُمْ ﴾|﹜ .. وإما على ﹛﴿ قَالُٓوا ﴾|﹜ وهو يقتضي أن تكون هذه أيضاً مقولاً لهم.. وإما على ﹛﴿ قَالُٓوا ﴾|﹜ وهو يقتضي أن تكون هذه أيضاً مقيدةً بوقت الخلوة، مع أن استهزاءَ الله بالدوام.. وإما على ﹛﴿ وَاِذَا خَلَوْا ﴾|﹜ وهو يقتضي أن تكون هذه من تتمة صفة تذبذبهم.. وإما على ﹛﴿ إِذَا لَقُوا ﴾|﹜ وهو يستلزم أن يكون الغرضُ منهما واحداً. مع أن الأول لبيان العمل، والثاني للجزاء، واللوازم باطلة، فالوصل لا يصحّ. فلَم يبقَ إلّا أن تكون مستأنفةً جواباً لسؤال مقدَّر. ثم إن في هذا الاستيناف إيماءً ورمزاً إلى أن شناعتَهم وخباثتهم بلغت درجةً تُجبر روحَ كلِّ سامعٍ و راءٍ أن يسأل ب«كيف جزاءُ مَن هذا عملُه؟».
ثم إن الافتتاح بلفظة ﹛﴿ اَللّٰهُ ﴾|﹜ مع أن ذهن السامع كان منتظراً لتلقي مقابلة المؤمنين معهم، إشارةٌ إلى تشريف المؤمنين وترحّمه عليهم، إذ قد قابل بدلاً عنهم.. وأيضاً رمزٌ إلى زَجرهم؛ إذ لا يُستهزأ بمَن استناده بعلّام الغيوب.. وأيضاً إيماء بالاقتطاع وعدم النظر إلى تقرر استهزائهم، إلى أن استهزاءهم كالعدم بالنظر إلى جزائه.. ثم إن التعبير عن نكايات الله تعالى معهم بالاستهزاء -الذي لا يليق بشأنه تعالى- للمشاكلة في الصحبة، وللرمز إلى أن النكاية جزاءٌ للاستهزاء ونتيجة ولازمةٌ له، مع أن المراد لازمُ الاستهزاء، أعني التحقيرَ.. وأيضاً إيماء إلى أن استهزاءهم الذي لا يفيد، بل يضر عينُ استهزاء الله تعالى معهم؛ كمن يظن
وأما جملة ﹛﴿ اَللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ﴾|﹜ فاعلم أنها لم توصَل بسوابقها بل فُصِلت فصلاً؛ لأنها لو عُطفت فإما على ﹛﴿ اِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُ۫نَ ﴾|﹜ وهو يقتضي أن تكون هذه أيضاً تأكيداً ل ﹛﴿ اِنَّا مَعَكُمْ ﴾|﹜ .. وإما على ﹛﴿ قَالُٓوا ﴾|﹜ وهو يقتضي أن تكون هذه أيضاً مقولاً لهم.. وإما على ﹛﴿ قَالُٓوا ﴾|﹜ وهو يقتضي أن تكون هذه أيضاً مقيدةً بوقت الخلوة، مع أن استهزاءَ الله بالدوام.. وإما على ﹛﴿ وَاِذَا خَلَوْا ﴾|﹜ وهو يقتضي أن تكون هذه من تتمة صفة تذبذبهم.. وإما على ﹛﴿ إِذَا لَقُوا ﴾|﹜ وهو يستلزم أن يكون الغرضُ منهما واحداً. مع أن الأول لبيان العمل، والثاني للجزاء، واللوازم باطلة، فالوصل لا يصحّ. فلَم يبقَ إلّا أن تكون مستأنفةً جواباً لسؤال مقدَّر. ثم إن في هذا الاستيناف إيماءً ورمزاً إلى أن شناعتَهم وخباثتهم بلغت درجةً تُجبر روحَ كلِّ سامعٍ و راءٍ أن يسأل ب«كيف جزاءُ مَن هذا عملُه؟».
ثم إن الافتتاح بلفظة ﹛﴿ اَللّٰهُ ﴾|﹜ مع أن ذهن السامع كان منتظراً لتلقي مقابلة المؤمنين معهم، إشارةٌ إلى تشريف المؤمنين وترحّمه عليهم، إذ قد قابل بدلاً عنهم.. وأيضاً رمزٌ إلى زَجرهم؛ إذ لا يُستهزأ بمَن استناده بعلّام الغيوب.. وأيضاً إيماء بالاقتطاع وعدم النظر إلى تقرر استهزائهم، إلى أن استهزاءهم كالعدم بالنظر إلى جزائه.. ثم إن التعبير عن نكايات الله تعالى معهم بالاستهزاء -الذي لا يليق بشأنه تعالى- للمشاكلة في الصحبة، وللرمز إلى أن النكاية جزاءٌ للاستهزاء ونتيجة ولازمةٌ له، مع أن المراد لازمُ الاستهزاء، أعني التحقيرَ.. وأيضاً إيماء إلى أن استهزاءهم الذي لا يفيد، بل يضر عينُ استهزاء الله تعالى معهم؛ كمن يظن
Yükleniyor...