الوسائل ظناً منهم أن الاشتغالَ بالأمر الخسيس لا يناسب وقارَه، وهو لا يتنزَّلُ له ولا يسعُ الأمرُ الحقير همّتَه العظيمة، (81)ولا يوازَن الأمرُ الخفيفُ مع همّته العظيمة.
ومنها: أن من شأن الإنسان -إذا تفكّر في شيء لمحاكمةِ أحواله- أن يتحرّى مقاييسَه وروابطه وأساساتِه، أولاً في نفسه، ثم في أبناءِ جنسه.. وإن لم يجد ففي جوانبه من الممكنات. حتى إن واجبَ الوجود الذي لا يشبه الممكنات بوجهٍ من الوجوه إذا تفكّر فيه الإنسانُ تُلجِئُه القوةُ الواهمة لأن يجعل هذا الوهمَ السيء المذكورَ دستوراً، والقياسَ الخادعَ منظاراً له. مع أنّ الصانعَ جلّ جلالُه لا يُنظر إليه من هذه النقطة؛ إذ لا انحصار لقدرتِه.
ومنها: أن قدرتَه وعلمَه وإرادتَه جلّ جلالُه كضياء الشمس - ﹛﴿ وَلِلّٰهِ الْمَثَلُ الْاَعْلٰى ﴾|﹜ - شاملةٌ لكل شيء، وعامةٌ لكلِّ أمر. فلا تقعُ في الانحصار ولا تجيءُ في الموازنة. فكما تتعلقُ بأعظم الأشياء كالعرش؛ تتعلق بأصغرِها كالجَوهر الفرد.. وكما خلَقَ الشمس والقمر؛ كذلك خلَق عينَي البرغوث والبعوضة.. وكما أودع نظاماً عالياً في الكائنات؛ كذلك أوقعَ نظاماً دقيقاً في أمعاء الحيوانات الخُرْدَبِينِيَّة.. (82)وكما ربطَ الأجرامَ العلويةَ والنجومَ المعلَّقةَ بقانونِه المسمّى بالجاذب العمومي؛ كذلك نظّم الجواهرَ الفَردةَ بنظير ذلك القانون كأنه مثالٌ مصغّر لها. إذ بتداخل العَجز تتفاوتُ مراتبُ القُدرة. فمَن امتنعَ عليه العجزُ تتساوى في قدرته الأشياءُ، إذ العجزُ ضدُّ القدرةِ الذاتية. فتأمل!
ومنها: أن أول ما تتعلق به القدرةُ ملكوتيةُ الأشياء وهي شفّافةٌ حسنةٌ في الكلِّ كما مرَّ. فكما أنه جلّ جلالُه جعل وجهَ الشمس مجلىً ووجهَ القمر مستضيئاً؛ كذلك صيَّر ملكوتيةَ الليل والغيمِ حسنةً منيرةً.
ومنها: أن مقياسَ عظمته تعالى وميزانَ كمالاته وواسطةَ محاكمة أوصافه لا يسعُها ذهنُ البشر، ولا يمكن له إلّا بوجهٍ، (83)بل إنما هو بما يتحصّل من جميع مصنوعاته.. وبما يتجلّى من مجموع آثاره.. وبما يتلخّص من كل أفعاله. نَعم، الذرةُ تكون مرآةً ولا تكون مقياساً.
وإذا تفطنتَ لهذه المسائل فاعلم أن الواجب تعالى لا يُقاس على الممكنات، إذ الفرقُ من
ومنها: أن من شأن الإنسان -إذا تفكّر في شيء لمحاكمةِ أحواله- أن يتحرّى مقاييسَه وروابطه وأساساتِه، أولاً في نفسه، ثم في أبناءِ جنسه.. وإن لم يجد ففي جوانبه من الممكنات. حتى إن واجبَ الوجود الذي لا يشبه الممكنات بوجهٍ من الوجوه إذا تفكّر فيه الإنسانُ تُلجِئُه القوةُ الواهمة لأن يجعل هذا الوهمَ السيء المذكورَ دستوراً، والقياسَ الخادعَ منظاراً له. مع أنّ الصانعَ جلّ جلالُه لا يُنظر إليه من هذه النقطة؛ إذ لا انحصار لقدرتِه.
ومنها: أن قدرتَه وعلمَه وإرادتَه جلّ جلالُه كضياء الشمس - ﹛﴿ وَلِلّٰهِ الْمَثَلُ الْاَعْلٰى ﴾|﹜ - شاملةٌ لكل شيء، وعامةٌ لكلِّ أمر. فلا تقعُ في الانحصار ولا تجيءُ في الموازنة. فكما تتعلقُ بأعظم الأشياء كالعرش؛ تتعلق بأصغرِها كالجَوهر الفرد.. وكما خلَقَ الشمس والقمر؛ كذلك خلَق عينَي البرغوث والبعوضة.. وكما أودع نظاماً عالياً في الكائنات؛ كذلك أوقعَ نظاماً دقيقاً في أمعاء الحيوانات الخُرْدَبِينِيَّة.. (82)وكما ربطَ الأجرامَ العلويةَ والنجومَ المعلَّقةَ بقانونِه المسمّى بالجاذب العمومي؛ كذلك نظّم الجواهرَ الفَردةَ بنظير ذلك القانون كأنه مثالٌ مصغّر لها. إذ بتداخل العَجز تتفاوتُ مراتبُ القُدرة. فمَن امتنعَ عليه العجزُ تتساوى في قدرته الأشياءُ، إذ العجزُ ضدُّ القدرةِ الذاتية. فتأمل!
ومنها: أن أول ما تتعلق به القدرةُ ملكوتيةُ الأشياء وهي شفّافةٌ حسنةٌ في الكلِّ كما مرَّ. فكما أنه جلّ جلالُه جعل وجهَ الشمس مجلىً ووجهَ القمر مستضيئاً؛ كذلك صيَّر ملكوتيةَ الليل والغيمِ حسنةً منيرةً.
ومنها: أن مقياسَ عظمته تعالى وميزانَ كمالاته وواسطةَ محاكمة أوصافه لا يسعُها ذهنُ البشر، ولا يمكن له إلّا بوجهٍ، (83)بل إنما هو بما يتحصّل من جميع مصنوعاته.. وبما يتجلّى من مجموع آثاره.. وبما يتلخّص من كل أفعاله. نَعم، الذرةُ تكون مرآةً ولا تكون مقياساً.
وإذا تفطنتَ لهذه المسائل فاعلم أن الواجب تعالى لا يُقاس على الممكنات، إذ الفرقُ من
Yükleniyor...