السمعُ بالكفر صار أصمَّ من تلك الأصوات اللذيذة، ولا يسمع من الكائنات إلّا نياحات المأتم ونعيات الموت، فلا يُلقي في القلب إلّا غمَّ اليُتمَة أي عدمِ الأحباب، ووحشةَ الغُربة أي عدمِ المالك والمتعهّد. فبناءً على هذا السر أحلّ الشرعُ بعضَ الأصوات وهو ما هيّج عشقاً علوياً وحُزناً عاشقياً، وحرّم بعضَها وهو ما أنتج اشتهاءً نفسياً وحزناً يُتمياً، وما لم يُرِكَ الشرعُ فمَيِّزْه بتأثيره في روحك ووجدانك.

وبكلمة ﹛﴿ وَعَلٰٓى اَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾|﹜ إلى زوال نعمةٍ جسيمة بسبب الكفر؛ إذ البصرُ من شأنه -إذا استضاء نورُه واتصل بنور الإيمان الساكنِ خلفَ شُبيكتِه ممدّاً ومحرّكاً له- كان كلُّ الكائنات كجنة مزيَّنة بالزهر والحُور، ويصير نورُ العين نحلاً تطير عليها فتجتني من تلك الأزاهير عصارةَ العِبرة والفكرة والأُنسية والاستيناس والتحبّب والتهنئة، فتأخذ حَميلتَها فتتخذ في الوجدان شهدَ الكمالات.. وإذا أظلمَ -العياذ بالله- ذلك البصرُ بالكفر طُمِسَ، وصارت الدنيا في نظره سجناً، وتستّرت عنه الحقائق وتوحّشت عليه الكائناتُ وتُلقي إلى قلبه آلاماً تحيط بوجدانه من الرأس إلى القدم..

وبلفظ ﹛﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظ۪يمٌ ﴾|﹜ إلى ثمرةِ شجرة زقّوم الكفر في العالم الأخروي من عذاب جهنم ومن نَكالِ الغضَب الإلهي. هذا.

وأما ﹛﴿ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾|﹜ فتأكيدٌ ل ﹛﴿ سَوَٓاءٌ ﴾|﹜ ينص على جهة المساواة.

∗ ∗ ∗



Yükleniyor...