فمَن لم يجتَن نورَ الإعجاز من مزج تلك اللمعات فلا يلومنّ إلّا ذوقَه.

المبحث الثاني

اعلم أن ﹛﴿ الٓمٓ ﴾|﹜ كقَرع العصا؛ يوقِظ السامعَ ويهزُّ عِطفَه بأنه -بغرابته- طليعةُ غريبٍ وعجيبٍ.

وفي هذا المبحث أيضاً لطائفُ:

منها: أن التهجّي وتقطيع الحروف في الاسم إشارةٌ إلى جنس ما يتولّد منه المسمّى.

ومنها: أن التقطيع إشارةٌ إلى أن المسمّى واحد اعتباريّ لا مركب مَزجي.

ومنها: أن التهجي بالتقطيع تلميحٌ إلى إراءة مادة الصنعة؛ كإلقاء القلم والقرطاس لمَن يعارضك في الكتابة. كأنّ القرآن يقول: «أيها المعاندون المدّعون أنكم أُمراءُ الكلام! هذه المادة التي بين أيديكم هي التي أصنع منها ما أصنع».

ومنها: أن التقطيع المُرمِز إلى الإهمال عن المعنى يشير إلى قطع حُجتهم ب«أنّا لا نعرف الحقائق والقصص والأحكام حتى نقابلك». فكأنّ القرآن يقول: «لا أطلب منكم إلّا نظمَ البلاغة، فجيئوا به ولو مفتَريات».

ومنها: أن التعبير عن الحروف بأسمائها من رسوم أهل القراءة والكتابة، (7)ومَن يسمعون منه الكلامَ أمّيٌّ مع محيطه، فنظراً إلى السجية -مع أن أول ما يتلقاهم خلافُ المنتظر- يرمز إلى: «أن هذا الكلام لا يتولد منه بل يُلقى إليه».

ومنها: أن التهجّي أساسُ القراءة ومبدؤها، (8)فيومئ إلى أن القرآن مؤسسٌ لطريق خاص ومعلّم لأمّيين.

ومَن لم يرَ نقشاً عالياً من انتساج هذه الخيوط -وإن دقّ البعضُ- فهو دخيلٌ في صنعة البلاغة فليقلِّد فتاوى أهلِها.


Yükleniyor...