وكذا انظر إلى قوله تعالى: ﴿ يَا نَارُ كُون۪ي بَرْدًا وَسَلَامًا ﴾ (الأنبياء:٦٩) وإلى ﴿ لَوْلَٓا اَنْ رَاٰ بُرْهَانَ رَبِّه۪ ﴾ (يوسف:٢٤) أي صورةَ يعقوب عاضاً على إصبعه في روايةٍ، وإلى ﴿ اِنّ۪ي لَاَجِدُ ر۪يحَ يُوسُفَ ﴾ (يوسف:٩٤) وإلى ﴿ يَا جِبَالُ اَوِّب۪ي مَعَهُ ﴾ وإلى ﴿ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ﴾ (النمل:١٦) وإلى ﴿ اَنَا اٰت۪يكَ بِه۪ قَبْلَ اَنْ يَرْتَدَّ اِلَيْكَ طَرْفُكَ ﴾ (النمل:٤.) وأمثالِها، ثم تأمل فيما كشفه البشر من مرتبة النار التي لا تحرق ومن الوسائط التي تمنع الإِحراق، وفيما اخترعه من الوسائل التي تجلب الصور والأصوات من مسافات بعيدة وتُحضرها إليك قبل أن يرتدَّ إليك طرفُك، وفيما أبدعه فكرُ البشر من الآلات الناطقة بما تتكلم، وفي استخدامه لأنواع الطيور والحمامات، وقس عليها، لترى بين هذين القسمين ملاءمةً يحق بها أن يقال: في هذه رموز إلى تلك.
وكذا تأمل في خاصية المعجزة الكبرى التي هي خاصية الناطقية؛ التي هي خاصية الإنسانية، وهي الأدب والبلاغة. ثم تدبّر في أن أعلى ما يربِّي روحَ البشر، وألطف ما يصفِّي وجدانَه، وأحسن ما يزيِّن فكره، وأبسط ما يوسِع قلبه إنما هو نوع من الأدبيات. ولأمرٍ مّا ترى
Yükleniyor...