﹛وَالْاَبْرَصَ بِاِذْن۪ي ﴾|﹜ (المائدة:١١.)! ثم تأمل فيما مخّضه تلاحقُ أفكارِ البشر واستنبَطه من ألوفِ فنونٍ، ناطقٌ كلٌّ منها بخواصِّ وصفاتِ وأسماء نوعٍ من أنواع الكائنات، حتى صار البشر مظهرَ ﹛﴿ وَعَلَّمَ اٰدَمَ الْاَسْمَٓاءَ كُلَّهَا ﴾|﹜ .. ثم فيما استخرجه فكرُ البشر من عجائب الصنعة من السكّة الحديدية والآلة البرقية وغيرهما بواسطة تليين الحديد وإذابةِ النحاس حتى صار مظهرَ ﹛﴿ وَاَلَنَّا لَهُ الْحَد۪يدَ ﴾|﹜ الذي هو أُمّ صنائعه.. وفيما أفرخه أذهانُ البشر من الطيّارات التي تسير في يوم شهراً حتى كاد أن يصير مظهرَ ﹛﴿ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ﴾|﹜.. وفيما ترقَّى إليه سعيُ البشر من اختراع الآلات والعصِيِّ التي تضرب في الأرض الرملة اليابسة فتفور منها عينٌ نضّاخة وتصير الرملة روضةً حتى أوشك أن يصير مظهرَ ﹛﴿ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ﴾|﹜ .. وفيما أنتجه تجارب البشر من خوارق الطب التي طفق أن تبرئ الأكمه والأبرص والمزمن بإذن الله.. ترَ (222)مناسبة تامة تصحح لك أن تقول: تلك مقائسها، وذكرُها يشير إليها ويشجع عليها.
وكذا انظر إلى قوله تعالى: ﹛﴿ يَا نَارُ كُون۪ي بَرْدًا وَسَلَامًا ﴾|﹜ (الأنبياء:٦٩) وإلى ﹛﴿ لَوْلَٓا اَنْ رَاٰ بُرْهَانَ رَبِّه۪ ﴾|﹜ (يوسف:٢٤) أي صورةَ يعقوب عاضاً على إصبعه في روايةٍ، وإلى ﹛﴿ اِنّ۪ي لَاَجِدُ ر۪يحَ يُوسُفَ ﴾|﹜ (يوسف:٩٤) وإلى ﹛﴿ يَا جِبَالُ اَوِّب۪ي مَعَهُ ﴾|﹜ وإلى ﹛﴿ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ﴾|﹜ (النمل:١٦) وإلى ﹛﴿ اَنَا اٰت۪يكَ بِه۪ قَبْلَ اَنْ يَرْتَدَّ اِلَيْكَ طَرْفُكَ ﴾|﹜ (النمل:٤.) وأمثالِها، ثم تأمل فيما كشفه البشر من مرتبة النار التي لا تحرق ومن الوسائط التي تمنع الإِحراق، وفيما اخترعه من الوسائل التي تجلب الصور والأصوات من مسافات بعيدة وتُحضرها إليك قبل أن يرتدَّ إليك طرفُك، وفيما أبدعه فكرُ البشر من الآلات الناطقة بما تتكلم، وفي استخدامه لأنواع الطيور والحمامات، وقس عليها، لترى بين هذين القسمين ملاءمةً يحق بها أن يقال: في هذه رموز إلى تلك.
وكذا تأمل في خاصية المعجزة الكبرى التي هي خاصية الناطقية؛ التي هي خاصية الإنسانية، وهي الأدب والبلاغة. ثم تدبّر في أن أعلى ما يربِّي روحَ البشر، وألطف ما يصفِّي وجدانَه، وأحسن ما يزيِّن فكره، وأبسط ما يوسِع قلبه إنما هو نوع من الأدبيات. ولأمرٍ مّا ترى
وكذا انظر إلى قوله تعالى: ﹛﴿ يَا نَارُ كُون۪ي بَرْدًا وَسَلَامًا ﴾|﹜ (الأنبياء:٦٩) وإلى ﹛﴿ لَوْلَٓا اَنْ رَاٰ بُرْهَانَ رَبِّه۪ ﴾|﹜ (يوسف:٢٤) أي صورةَ يعقوب عاضاً على إصبعه في روايةٍ، وإلى ﹛﴿ اِنّ۪ي لَاَجِدُ ر۪يحَ يُوسُفَ ﴾|﹜ (يوسف:٩٤) وإلى ﹛﴿ يَا جِبَالُ اَوِّب۪ي مَعَهُ ﴾|﹜ وإلى ﹛﴿ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ﴾|﹜ (النمل:١٦) وإلى ﹛﴿ اَنَا اٰت۪يكَ بِه۪ قَبْلَ اَنْ يَرْتَدَّ اِلَيْكَ طَرْفُكَ ﴾|﹜ (النمل:٤.) وأمثالِها، ثم تأمل فيما كشفه البشر من مرتبة النار التي لا تحرق ومن الوسائط التي تمنع الإِحراق، وفيما اخترعه من الوسائل التي تجلب الصور والأصوات من مسافات بعيدة وتُحضرها إليك قبل أن يرتدَّ إليك طرفُك، وفيما أبدعه فكرُ البشر من الآلات الناطقة بما تتكلم، وفي استخدامه لأنواع الطيور والحمامات، وقس عليها، لترى بين هذين القسمين ملاءمةً يحق بها أن يقال: في هذه رموز إلى تلك.
وكذا تأمل في خاصية المعجزة الكبرى التي هي خاصية الناطقية؛ التي هي خاصية الإنسانية، وهي الأدب والبلاغة. ثم تدبّر في أن أعلى ما يربِّي روحَ البشر، وألطف ما يصفِّي وجدانَه، وأحسن ما يزيِّن فكره، وأبسط ما يوسِع قلبه إنما هو نوع من الأدبيات. ولأمرٍ مّا ترى
Yükleniyor...