والثاني: أن هذا ما رُزِقنا من الأطعمة في الدنيا مع هذا التفاوت العظيم بين طعمَيهما. ومن هنا الاستغراب.

والثالث: أن هذا مثلُ ما أكلنا قبلَ هذا الآن مع اتحاد الصورة واختلاف المعنى لجمع لذّتَي الألفة والتجدد. ومن هنا الابتهاج.

والرابع: أن هذه التي على أغصان الشجرة هي التي أكلناها إذ ينبُت بدَلها دفعةً فكأنها إياها. ومن هنا يُعرف أنها لا تنقص.

وأما جملة ﴿ وَاُتُوا بِه۪ مُتَشَابِهًا ﴾ فاعلم أنها فذلكة وتذييل واعتراضية لتصديق الحُكم السابق وتعليله.. وبناء المفعول في ﴿ وَاُتُوا ﴾ إشارة إلى أنّ لهم خَدَمَة.. وفي ﴿ مُتَشَابِهًا ﴾ ما عرفتَ من الإشارة إلى جمع اللذتين.

وأما جملة ﴿ وَلَهُمْ ف۪يهَٓا اَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ﴾ :

فاعلم أن «الواو» بسر المناسبة العطفية إشارة إلى أنهم كما يحتاجون إلى المسكن لأجسامهم يفتقرون إلى السكَن لأرواحهم..

﴿ وَلَهُمْ ﴾ إشارة إلى الاختصاص والتملك، ورمزٌ إلى التخصيص والحصر، وإيماء إلى أن لهم غير النساء الدنيوية حُوراً عيناً خُلِقن لأجلهم.

و ﴿ ف۪يهَٓا ﴾ إشارة إلى أن تلك الأزواج لائقةٌ بتلك الجنة، فعلى نسبة علوّ درجاتها يفوق حُسنُهن.. وكذا فيها إيماءٌ خفي إلى أن الجنة تزيّنت وتبرّجت بهن (187)

و ﴿ مُطَهَّرَةٌ ﴾ إشارة إلى أن مطهِّراً طهّرهُنّ، فما ظنّك بمن طهّرهُن ونزّههن يد القدرة؟.. وكذا إيماء بالتعدية أن نساء الدنيا يُطَهَّرن ويُصفَّين فيَصرن حساناً كالحور العين المتطهرات في أنفسهن.

وأما جملة ﴿ وَهُمْ ف۪يهَا خَالِدُونَ ﴾ فإشارة إلى أنهم، وكذا أزواجُهم، وكذا لذائذُ الجنة، وكذا الجنةُ كافةً؛ أبدية.

 /  
284
Yükleniyor...