أغصانُها الشمسَ والقمرَ والنجومَ وأرضَنا وأرَضينَ أخرى. فما تحت الثمرةِ يشمل ما بينَ الأغصان أين كان. فمُلك الله تعالى واسع، وشجرة الخلقة منتشرةٌ فأينَ سافرتْ جهنمُ لا تُرَدُّ. وفي حديثٍ: «إنَّ جَهَنَّمَ مَطْوِيَّةٌ» فيمكن أن تكون بيضة لأرضنا الطيارة متى يمتزق حجابُ المُلك ينفتق تلك البيضة وتتظاهر هي كاشرةً أسنانَها لأهلِ العصيان. ويحتمل أن ما ثبط أهل الاعتزال وأوقعهم في الغلط بعدم وجودها الآن إنما هو هذه المطوِيَّتِيَّة.

وأما نظم هيئاتِ وقيودِ جملةٍ جملةٍ:

فاعلم أن جملة: ﹛﴿ وَاِنْ كُنْتُمْ ف۪ي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلٰى عَبْدِنَا ﴾|﹜

الواو فيها -بناءً على المناسبة بين المتعاطفَين- تومئ إلى: تقديرِ: «كما علّمكم القرآن»..

وإيرادُ ﹛﴿ اِنْ ﴾|﹜ التردديةِ في موضعِ «إذا» التي هي للقطع، مع أن ريبَهم مجزومٌ به إشارةٌ إلى أنه لأجل ظهور أسباب زوال الريب شأنُه أن يكونَ مشكوكَ الوجود، بل من المحال يُفرَض فرضاً. ثم إن الشك في ﹛﴿ اِنْ ﴾|﹜ بالنظر إلى الأسلوب لا بالقياس إلى المتكلم تعالى.

وإيرادُ ﹛﴿ كُنْتُمْ ف۪ي رَيْبٍ ﴾|﹜ بدلَ «ارتبتم» مع أنه أقصرُ إشارةٌ إلى أن منشأ الريب طبعُهم المريض وكونُهم... وظرفيةُ الريب لهم مع أنه مظروفٌ لقلبهم إيماءٌ إلى أن ظلمةَ الريب انتشرت من القلب فاستولت على القالب، فأظلم عليه الطُّرُق..

وتنكير ﹛﴿ رَيْبٍ ﴾|﹜ للتعميم، أي أيُّ نوع من أنواع الريب ترتابونه فالجواب واحد وهو: أن هذا معجِز وحقٌّ، فتخطئتُكم بالنظر السطحيّ خطأ، فلا يلزم لكلِّ ريبٍ جوابٌ خاص. ألا ترى أن من رأى رأسَ عينٍ وذاقَه عذباً فراتاً لا يحتاج إلى ذوقِ كلِ جدولٍ وفرعٍ قد تشعّب منه.

و«مِن» في ﹛﴿ مِمَّا نَزَّلْنَا ﴾|﹜ إيماء إلى تقدير لفظِ: «في شيء مما».

ولفظُ ﹛﴿ نَزَّلْنَا ﴾|﹜ إشارة إلى أن منشأ شبهَتِهم هو صفةُ النزول. فالجواب القاطع إثباتُ النزول فقط.

وإيثار ﹛﴿ نَزَّلْنَا ﴾|﹜ الدالِّ على النزول تدريجاً على «أنزلنا» الدالِ عليه دفعةً إشارة إلى أن ما يتحجّجون به قولَهم: «لولا أُنزل عليه دفعة، بل على مقتضى الواقعات تدريجاً؛ نوبةً نوبةً، نجماً نجماً، سورةً سورةً..»

Yükleniyor...