فبناء على هذه النكت تكون التأكيداتُ في الخطاب مؤسسةً من تلك الجهات.
أما النداء في ﴿ يَا ﴾ فلأن المُنادَى هو الناس المشتمل على الطبقات المختلفة من الغافلين والغائبين والساكتين والجاهلين والمشغولين والمُعرضين والمحبين والطالبين والكاملين يكون هذا النداء للتنبيه، وكذا للإحضار، وكذا للتحريك، وكذا للتعريف، وكذا للتقريع، وكذا للتوجيه، وكذا للتهييج، وكذا للتشويق، وكذا للازدياد، وكذا لهزّ العِطف..
وأما البُعد في ﴿ يَا ﴾ مع أن المقام مقام القُرب، فإشارة إلى جلالةِ وعظمةِ أمانة التكليف.. وأيضاً إيماءٌ إلى بُعد درجة العبودية عن مرتبة الألوهية.. وأيضاً رمز إلى بُعد أعصار المكلفين عن محلِّ وزمانِ ظهور الخطاب. وأيضا تلويح إلى شدة غفلةِ البشر.
وأما «أَيُّ» الموضوعُ للتوسّم من العموم، فرمز إلى أن الخطاب لعموم الكائنات. فيخصص من بينها الإنسان، بتحمل الأمانة على طريق فرض الكفاية. فإذن قصورُ الإنسان تجاوزٌ لحقِّ مجموع الكائنات.. ثم في «أَيُّ» جزالةُ الإجمال ثم التفصيل. (148)
وأما «ها» فمع كونه عِوَضا عن المضاف إليه، إشارة إلى تنبيه مَن حضر ب ﴿ يَا ﴾ .
وأما ﴿ النَّاسُ ﴾ فإشارة -بحكم تلميح الوصفية الأصلية- إلى العتاب، أي «أيها الناس كيف تنسون الميثاق الأزلي؟» وأيضاً إلى العذر، أي «أيها الناس لابد أن يكون قصوركم عن السهو والنسيان لا بالعمد والجد!»
Yükleniyor...