وأما التعديةُ ب«الباء» بدلَ «الهمزة» فإيماء إلى أن يد القدرة لا تُطلق الأشياءَ عن حبل الأسباب، غَاربُها على عنقها (134)بل تضع أزمّتها بيد نظام.

وأما إفراد «السمع» مع جمع «البصر» فإشارة إلى إفراد المسموع وتعدّد المُبصَر، إذ ألفُ رجل يسمعون شيئاً واحداً مع تخالف المبصَرات.

وأما هيئات جملة: ﹛﴿ اِنَّ اللّٰهَ عَلٰى كُلِّ شَيْءٍ قَد۪يرٌ ﴾|﹜ فاعلم أنها فذلكة لتحقيق الدهشة في التمثيل والممثَّل له، تشير إلى أنه كما لا تهمل دقائق أحوال المصابين المتمثلة لجزئيات أحوال المنافقين؛ كذلك يُرى في كل ذرة تصرّف القدرة الإلهية.

وأما ﹛﴿ اِنَّ ﴾|﹜ فمع إشارتها إلى أن هذا الحكم من الحقائق الراسخة، رمزٌ إلى عظمة المسألة ووُسعَتها ودقّتها، وعجزِ البشر وضعفه وقصوره عنها، المولِّدة للأوهام المُنتجة للتردّد في اليقينيات.

وأما التصريحُ بلفظة ﹛﴿ اللّٰهَ ﴾|﹜ فإيماء إلى دليل الحُكم، إذ القدرة التامة الشاملة لازمةٌ للألوهية.

وأما ﹛﴿ عَلٰى ﴾|﹜ فإيماء إلى أن القدرة المُخرِجةَ للأشياء من العدم، لا تتركها سُدىً هَملاً، بل ترقُب عليها الحكمةُ وتربّيها.

وأما ﹛﴿ كُلِّ ﴾|﹜ فإشارة إلى أن آثار الأسباب، والحاصلَ بالمصدر من الأفعال الاختيارية أيضاً بقدرته تعالى.

وأما لفظ ﹛﴿ شَيْءٍ ﴾|﹜ بمعنى مَشيء، أي ما تعلقت به المشيئةُ، فإشارة إلى أن الموجودات بعد وجودها لا تستغني عن الصانع، بل تفتقر في كلِّ آنٍ لبقائها -الذي هو تكرّر الوجود- إلى تأثير الصانع.

وأما لفظ ﹛﴿ قَد۪يرٌ ﴾|﹜ بدل «قادر» فرمز إلى أن القدرة ليست على مقدار المقدورات فقط، وأنها ذاتية لا تغيّر فيها، ولازمةٌ لا تقبل الزيادة والنقصان، لعدم إمكانِ تخلّلِ ضدِّها حتى تترتب شدةً ونقصاناً.. وتلويحٌ إلى أن القدرة كالجنس وكميزان الصّرف، أعني: «فَعَلَ» لجميع الأوصاف الفعلية من الرزاق والغفار والمحيي والمميت وغيرها. تفكّر فيما سمعتَ حقَّ التفكر!

Yükleniyor...