توف هذه الحيوانات بوظيفتها الصحية حق الوفاء وعلى أجمل وجه لما تلألأ وجهُ البحر كالمرآة الساطعة، ولكان البحر يورث الكآبة والحزن.

وكذا فإنه سبحانه قد خلق حيوانات مفترسة وطيوراً جارحة بمثابة مأمورات للنظافة والأمور الصحية، تقوم بتنظيف وجه الأرض يومياً من جثث مليارات من الحيوانات البرية والطيور وإنقاذها من التعفن، وإنقاذ ذوي الحياة من ذلك المنظر الكئيب الأليم. حيث تستطيع تلك الحيوانات أن تتحسس مواضعَ تلك الجثث الخفية والبعيدة من مسافة تبلغ حوالي ست ساعات، وذلك بسَوق من إلهام رباني، فتنطلق إلى تلك المواضع وتزيل الجثث. فلولا هذه الموظفات الصحيات البرية وهي تؤدي وظائفها على أفضل وجه لكان وجهُ الأرض في حالة يرثى لها.

نعم، إنَّ الرزق الحلال للحيوانات الوحشية المفترسة هو لحوم الحيوانات الميتة، وحرام عليها لحوم الحيوانات الحية، بل لها جزاء إن أكلت منها. فالحديث الشريف: (حتى يقتصّ الجمّاءُ من القَرناء) (3) يدل على أن الحيوانات التي تبقى أرواحُها رغم فناء أجسادِها لها جزاءٌ وثواب يناسبها في دار البقاء. فعلى هذا يصح القول: إن لحومَ الحيوانات الحية حرام على المفترسات.

وكذا النمل موظف بجمع شتات القطع الصغيرة للنعم الإلهية وصيانتها من التلف والامتهان لئلا تُداس تحت الأقدام، فضلاً عن جمعه جثث الحيوانات الصغيرة وكأنه موظف صحي.

وكذا الذبان لها وظائف -أهم مما ذكر- فهذه الحشرات مأمورة بتنظيف ما لا يراه الإنسان من جراثيم مرضية وتطهير المواد السامة. فهي ليست ناقلة للجراثيم، بل على العكس، هي تُهلك تلك الجراثيم المضرة وتمحيها بمصّها لها وأكلها، وتحيل تلك المواد السامة إلى مواد أخرى. فتحُول دون سريان كثير من الأمراض، وتُوقِفها عند حدّها.

والدليل على أن الذبان موظفات صحيات، ومأمورات تنظيف وكيمياويات حاذقات، وأن لوجودها حكمة إلهية واسعة.. هو كثرتها المتناهية، إذ المواد النافعة والثمينة يكثّر منها.

Yükleniyor...