النكتة الأولى

وهي عبارة عن نقطتين


النقطة الأولى:

قال تعالى: ﹛﴿ وَكَاَيِّنْ مِنْ دَٓابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَاۗ اَللّٰهُ يَرْزُقُهَا وَاِيَّاكُمْ ﴾|﹜ (العنكبوت:٦٠)

﹛﴿ اِنَّ اللّٰهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَت۪ينُ ﴾|﹜ (الذاريات:٥٨)

بدلالة هاتين الآيتين الكريمتين؛ الرزقُ بيد القدير الجليل وحدَه، ويخرج من خزينة رحمته دون وساطة. فرزقُ كل ذي حياة بعهدة ربه، فيلزم ألّا يموت أحدٌ جوعاً. ولكن يبدو أن الذين يموتون جوعاً، أو من فقدان الرزق كثيرون. إن حل هذا السر وكشفَ هذه الحقيقة هو:

إنَّ التعهد الرباني بالرزق وتكفّلَه له بنفسه حقيقة ثابتة. فلا أحدَ يموت من عدم الرزق، لأن الرزق الذي يرسله الحكيم ذو الجلال إلى جسم الكائن الحي يُدّخر قسمٌ منه احتياطاً على هيئة شحوم ودهون داخلية. بل يُدّخر قسم من الرزق المرسل في زوايا حجيرات الجسم كي يصرف منه في واجبات الجسم عند عدم مجيء الرزق من الخارج.

فالذين يموتون إذن، إنما يموتون قبل نفاد هذا الرزق الاحتياطي المدّخر، أي إن ذلك الموت لا ينجم من عدم وجود الرزق، وإنما من مرضٍ ناشئٍ من ترك عادةٍ بسوء الاختيار.

نعم، إن الرزق الفطري المدّخر بصورة شحوم في جسم الكائن الحي، إنما يدوم ويستمر بمعدل أربعين يوماً كاملاً. بل قد يستمر ضعف ذلك، إثر مرض أو استغراق روحاني. حتى كتبت الصحف -قبل تسع وثلاثين سنة. (1) أن رجلاً قد قضى متحدياً سبعين يوماً في سجن لندن دون أن يذوق شيئاً وظل على صحة وعافية.

فما دام الرزق الفطري يدوم أربعين يوماً بل سبعين وثمانين يوماً، وأن تجلي اسم الرزاق ظاهر على مدّ البسيطة بجلاء، وأن الرزق يتدفق من حيث لا يُحتسب من الأثداء ويخرج من

Yükleniyor...