شوقهم. والحال أن سيدنا الرسول الأعظم ﷺ وهو الأستاذ الأعظم ومقتدى الكل والرائد الأعلى قد اتخذ الأمر الإلهي: ﹛﴿ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ اِلَّا الْبَلَاغُ الْمُب۪ينُ ﴾|﹜ (النور: ٥٤) دليلاً ومرشداً له، فكلما أعرض الناسُ عن الإصغاء وتولّوا عنه ازدادَ جهاداً وسعياً في سبيل التبليغ. لأنه عَلِم يقيناً أن جعل الناس يصغون ويهتدون إنما هو من شؤون الله سبحانه، وفق الآية الكريمة: ﹛﴿ اِنَّكَ لَا تَهْد۪ي مَنْ اَحْبَبْتَ وَلٰكِنَّ اللّٰهَ يَهْد۪ي مَنْ يَشَٓاءُۚ ﴾|﹜ (القصص: ٥٦). فما كان يتدخل ﷺ في شؤونه سبحانه.


لذا فيا إخوتي! لا تتدخلوا في أعمال وشؤون لا تعود إليكم ولا تبنوا عليها أعمالكم ولا تتخذوا طور الاختبار تجاه خالقكم.

المسألة الثانية: إنَّ غاية العبادة امتثالُ أمر الله ونيلُ رضاه، فالداعي إلى العبادة هو الأمرُ الإلهي، ونتيجتُها نيلُ رضاه سبحانه. أما ثمرتُها وفوائدها فأخروية. إلّا أنه لا تنافي العبادة إذا مُنحت ثمراتٌ تعود فائدتُها إلى الدنيا، بشرط ألّا تكونَ علّتها الغائية، وألّا يُقصد في طلبها. فالفوائدُ التي تعود إلى الدنيا والثمرات التي تترتب عليها من نفسها وتُمنح من دون طلب لا تنافي العبادة، بل تكون بمثابة حث «وترجيح» للضعفاء. ولكن إذا صارت الفوائد الدنيوية أو منافعُها علّةً، أو جزءاً من العلة لتلك العبادة أو لذلك الوِرد أو الذكر فإنها تُبطل قسماً من تلك العبادة. بل تجعل ذلك الورد الذي له خصائص عدة عقيماً دون نتيجة.

فالذين لا يفهمون هذا السر، ويقرأون «الأوراد القدسية للشاه النقشبند» مثلاً التي لها مئات من المزايا والخواص، أو يقرأون «الجوشن الكبير» الذي له ألفٌ من المزايا والفضائل وهم يقصدون بعض تلك الفوائد بالذات، لا يجدون تلك الفوائد، بل لن يجدوها ولن يشاهدوها، وليس لهم الحق لمشاهدتها البتة؛ لأنه لا يمكن أن تكون تلك الفوائد علّةً لتلك الأوراد، فلا تُطلب منها تلك الفوائد قصداً، لأن تلك الفوائد تترتب بصورة فضلٍ إلهي على ذلك الوِرد الذي يُقرأ قراءةً خالصةً دون طلب شيء. فأما إذا نواها القارئ فإن نيّتها تُفسد إخلاصَه جزئياً، بل تُخرجها من كونها عبادةً، فتسقط قيمتُها.

بيد أن هناك أمراً آخر، هو أن أشخاصاً ضعفاء بحاجة دائمة إلى مشوّق ومرجّح فإذا ما قرأ الأوراد قراءة خالصة لله متذكراً تلك الفوائد فلا بأس في ذلك، بل هو مقبول.

Yükleniyor...