تركك الناسُ وسكنوا المقابر.. وإن أعرض أهلُ الغفلة والضلالة ولم يصغوا إليك وتردَّوا في الظلمات.. فلا تُبال بهم، ولا تَغتم، وقل: حسبي الله، فهو الكافي، فإذ هو موجودٌ فكل شيء موجود.. وعلى هذا، فإن أولئك الراحلين لم يذهبوا إلى العدم، وإنما ينطلقون إلى مملكة أخرى لرب العرش العظيم، وسيرسل بدلاً منهم ما لا يعد ولا يحصى من جنوده المجندين.. وإن أولئك الذين سكنوا المقابر لم يفنَوا أبداً، وإنما ينتقلون إلى عالم آخر، وسيبعثُ بدلاً منهم موظفين آخرين يعمرون الدنيا، ويشغلون ما خلا من وظائفها.. وهو القادر على أن يُرسل من يُطيعه ويسلك الطريق المستقيم بدلاً ممن وقعوا في الضلالة من الذاهبين..
فما دام الأمر هكذا، فهو الكفيلُ، وهو الوكيل، وهو البديل عن كل شيء، ولن تعوّض جميعُ الأشياء عنه، ولن تكون بديلاً عن توجّه واحد من توجهات لطفه ورحمته لعباده..
وهكذا انقلبت صورُ الجنازات الثلاث التي راعتني بهذا المعنى الإشاري إلى شكل آخر من أشكال الأُنس والجمال وهو: أنَّ الكائنات تتهادى جيئةً وذهاباً في مسيرة كبرى، إنهاءً لخدمات مستمرة، وإشغالاً لواجبات مجدَّدة دائمة، عبر رحلة ذات حكمة، وجولة ذات عبرة، وسياحة ذات مهام، في ظِل إدارة الحكيم الرحيم العادل القدير ذي الجلال، وضمن ربوبيته الجليلة وحكمته البالغة ورحمته الواسعة.
النكتة الخامسة
قال تعالى: ﹛﴿ قُلْ اِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُون۪ي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ ﴾|﹜ (آل عمران: ٣١) تعلن هذه الآية العظيمة إعلاناً قاطعاً عن مدى أهمية اتباع السنة النبوية ومدى ضرورتها.
نعم، إن هذه الآية الكريمة أقوى قياسٍ وأثبتُه من قسم القياس الاستثنائي، ضمن المقاييس المنطقية، إذ يرد فيه على وجه المثال: «إذا طلعت الشمسُ فسيكون النهار». ويرد مثالاً للنتيجة الإيجابية: «طلعت الشمس فالنهار إذن موجود». ويرد مثالاً للنتيجة السلبية: «لا نهار فالشمس إذن لم تطلع». فهاتان النتيجتان -الإيجابية والسلبية- ثابتتان وقاطعتان في المنطق.
وكذلك الأمر في الآية الكريمة، فتقول: إنْ كان لديكم محبةُ الله، فلابد من الاتباع ل«حبيب الله». وإن لم يكن هناك اتباع، فليس لديكم إذن محبةُ الله. إذ لو كانت هناك محبةٌ حقاً فإنها تولد حتماً اتباع السنة الشريفة ل«حبيب الله».
فما دام الأمر هكذا، فهو الكفيلُ، وهو الوكيل، وهو البديل عن كل شيء، ولن تعوّض جميعُ الأشياء عنه، ولن تكون بديلاً عن توجّه واحد من توجهات لطفه ورحمته لعباده..
وهكذا انقلبت صورُ الجنازات الثلاث التي راعتني بهذا المعنى الإشاري إلى شكل آخر من أشكال الأُنس والجمال وهو: أنَّ الكائنات تتهادى جيئةً وذهاباً في مسيرة كبرى، إنهاءً لخدمات مستمرة، وإشغالاً لواجبات مجدَّدة دائمة، عبر رحلة ذات حكمة، وجولة ذات عبرة، وسياحة ذات مهام، في ظِل إدارة الحكيم الرحيم العادل القدير ذي الجلال، وضمن ربوبيته الجليلة وحكمته البالغة ورحمته الواسعة.
النكتة الخامسة
قال تعالى: ﹛﴿ قُلْ اِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُون۪ي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ ﴾|﹜ (آل عمران: ٣١) تعلن هذه الآية العظيمة إعلاناً قاطعاً عن مدى أهمية اتباع السنة النبوية ومدى ضرورتها.
نعم، إن هذه الآية الكريمة أقوى قياسٍ وأثبتُه من قسم القياس الاستثنائي، ضمن المقاييس المنطقية، إذ يرد فيه على وجه المثال: «إذا طلعت الشمسُ فسيكون النهار». ويرد مثالاً للنتيجة الإيجابية: «طلعت الشمس فالنهار إذن موجود». ويرد مثالاً للنتيجة السلبية: «لا نهار فالشمس إذن لم تطلع». فهاتان النتيجتان -الإيجابية والسلبية- ثابتتان وقاطعتان في المنطق.
وكذلك الأمر في الآية الكريمة، فتقول: إنْ كان لديكم محبةُ الله، فلابد من الاتباع ل«حبيب الله». وإن لم يكن هناك اتباع، فليس لديكم إذن محبةُ الله. إذ لو كانت هناك محبةٌ حقاً فإنها تولد حتماً اتباع السنة الشريفة ل«حبيب الله».
Yükleniyor...