ولكن إن لم يُسند أمر الخلق إلى الفرد الأحد فعندئذٍ يلزم لخلق ذبابة واحدة مسحُ سطح الأرض وتفتيشها وغربلة عناصرها جميعاً وذراتِها المعينة لوجودٍ معيّن ثم وزنها بميزان دقيق حساس، لوضع كل ذرة في موضعها المخصص لها، حسب قوالب مادية بعدد أجهزتها وأعضائها المتقنة، وذلك لكي يأخذ كل شيء مكانه اللائق به، فضلاً عن جلب المشاعر والأحاسيس الروحية الدقيقة واللطائف المعنوية من العوالم المعنوية والروحية بعد وزنها أيضاً بميزان دقيق حسب حاجة الذبابة!!
ألا يكون -بهذا الاعتبار- خلقُ ذبابة واحدة صعباً ممتنعاً كإيجاد جميع الكائنات؟! أليس فيه الصعوبات تلو الصعوبات والمحالات ضمن المحالات؟! لذا اتفق جميعُ أهل الإيمان والعلم: أنه لا يخلق من العدم إلّا الخالقُ الفرد سبحانه وتعالى. ولهذا لو فُوّض الأمر إلى الأسباب والطبيعة استلزم لوجود شيء واحد الجمعُ من أكثر الأشياء.
النقطة الثالثة: لقد أوردنا أمثلة كثيرة في رسائل شتى تشير إلى: أن إسناد الخلق إلى «الفرد الواحد الأحد» يجعل خلق جميع الأشياء سهلاً كالشيء الواحد، وبعكسه إذا أُسنِد إلى الطبيعة والأسباب فخلقُ الشيء الواحد يكون صعباً ممتنعاً كخلق جميع الأشياء.
Yükleniyor...