أما أهل الدين وأصحاب العلم وأرباب الطرق الصوفية فإن وظيفة كل منهم متوجهة إلى الجميع، وأن أجرتهم العاجلة غير متعينة وغير متخصصة، كما أن حظهم من المقام الاجتماعي وتوجه الناس إليهم والرضى عنهم لم يتخصص أيضاً. فهناك مرشحون كثيرون لمقام واحد، وقد تمتد أيدٍ كثيرةٌ جداً إلى أية أجرة مادية كانت أو معنوية. ومن هنا تنشأ المزاحمة والمنافسة والحسد والغيرة؛ فيتبدل الوفاقُ نفاقاً والاتفاق اختلافاً وتفرقاً.
فلا يشفي هذا المرض العضال إلّا مرهمُ الإخلاص الناجع، أي أن ينال المرء شرف امتثال الآية الكريمة: ﹛﴿ اِنْ اَجْرِيَ اِلَّا عَلَى اللّٰهِ ﴾|﹜ (يونس: ٧٢) بإيثار الحق والهدى على اتباع النفس والهوى، وبترجيح الحق على أثَرة النفس.. وأن يحصل له امتثال بالآية الكريمة: ﹛﴿ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ اِلَّا الْبَلَاغُ الْمُب۪ينُ ﴾|﹜ (النور: ٥٤) باستغنائه عن الأجر المادي والمعنوي المقبلَين من الناس (4) مدركاً أَنَّ استحسان الناس كلامَه وحسن تأثيره فيهم ونيل توجههم إليه هو مما يتولاه الله سبحانه وتعالى ومن إحسانه وفضله وحده، وليس داخلاً ضمن وظيفته التي هي منحصرةٌ في التبليغ فحسب. بل لا يلزمه ذلك ولا هو مكلف به أصلاً. فمن وفّقه الله إلى ما ذُكر آنفاً يجد لذة الإخلاص، وإلّا يفوته الخير الكثير.
السبب الثاني:
إن اتفاق أهل الضلالة نابع من ذلتهم، بينما اختلاف أهل الهداية نابع من عزّتهم؛ إذ لما كان أهل الدنيا والضلالة الغافلون لا يستندون إلى الحق والحقيقة فهم ضعفاء وأذلاء، يشعرون بحاجة ماسة إلى اكتساب القوة ويتشبثون بشدة إلى معاونة الآخرين والاتفاق معهم، ويحرصون على هذا الاتفاق ولو كان مسلكهم ضلالة، فكأنهم يعملون حقاً في تساندهم على
فلا يشفي هذا المرض العضال إلّا مرهمُ الإخلاص الناجع، أي أن ينال المرء شرف امتثال الآية الكريمة: ﹛﴿ اِنْ اَجْرِيَ اِلَّا عَلَى اللّٰهِ ﴾|﹜ (يونس: ٧٢) بإيثار الحق والهدى على اتباع النفس والهوى، وبترجيح الحق على أثَرة النفس.. وأن يحصل له امتثال بالآية الكريمة: ﹛﴿ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ اِلَّا الْبَلَاغُ الْمُب۪ينُ ﴾|﹜ (النور: ٥٤) باستغنائه عن الأجر المادي والمعنوي المقبلَين من الناس (4) مدركاً أَنَّ استحسان الناس كلامَه وحسن تأثيره فيهم ونيل توجههم إليه هو مما يتولاه الله سبحانه وتعالى ومن إحسانه وفضله وحده، وليس داخلاً ضمن وظيفته التي هي منحصرةٌ في التبليغ فحسب. بل لا يلزمه ذلك ولا هو مكلف به أصلاً. فمن وفّقه الله إلى ما ذُكر آنفاً يجد لذة الإخلاص، وإلّا يفوته الخير الكثير.
السبب الثاني:
إن اتفاق أهل الضلالة نابع من ذلتهم، بينما اختلاف أهل الهداية نابع من عزّتهم؛ إذ لما كان أهل الدنيا والضلالة الغافلون لا يستندون إلى الحق والحقيقة فهم ضعفاء وأذلاء، يشعرون بحاجة ماسة إلى اكتساب القوة ويتشبثون بشدة إلى معاونة الآخرين والاتفاق معهم، ويحرصون على هذا الاتفاق ولو كان مسلكهم ضلالة، فكأنهم يعملون حقاً في تساندهم على
Yükleniyor...