وتوصلتَ إلى دستور من دساتير:

﹛﴿ اِنَّمَٓا اَمْرُهُٓ اِذَٓا اَرَادَ شَئًْا اَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾|﹜ (يس:٨٢)


وتعلمت مسألة لطيفة من مسائل:

﹛﴿ فَسُبْحَانَ الَّذ۪ي بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَاِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾|﹜ (يس: ٨٣)


المذكِّرة التاسعة

اعلم أن النبوة في البشرية فذلكةُ الخير وخلاصة الكمال وأساسه. وأن الدين الحق فهرسُ السعادة. وأن الإيمان حُسنٌ منزّه وجمال مجرّد. وحيث إن حسناً ساطعاً، وفيضاً واسعاً سامياً، وحقاً ظاهراً، وكمالاً فائقاً مشاهَدٌ في هذا العالم، فبالبداهة يكون الحقُّ والحقيقة في جانب النبوة، وفي يد الأنبياء عليهم السلام، وتكون الضلالة والشر والخسارة في مخالفيهم.

فإن شئت فانظر إلى مثال واحد من بين ألوف الأمثلة على محاسن العبودية التي جاء بها النبي عليه السلام وهو: أن النبي عليه السلام يوحِّد بالعبادة قلوبَ الموحدين في صلاة العيد والجمعة والجماعة، ويجمع أَلسنتهم جميعاً على كلمة واحدة. حتى يقابل هذا الإنسان عظمة الخطاب الصادر من المعبود الحق سبحانه بأصوات قلوبٍ وألسنةٍ لا تحد وبدعواتها، متعاوناً متسانداً، بحيث يُظهر الجميعُ عبوديةً واسعةً جداً إزاء عظمة أُلوهية المعبود الحق فكأَن كرة الأرض برمَّتها هي التي تنطق بذلك الذكر، وتدعو بذلك الدعاء، وتصلّى لله بأقطارها وتمتثل بأرجائها الأمرَ النازل بالعزة والعظمة من فوق السماوات السبع:

﹛﴿ وَاَق۪يمُوا الصَّلٰوةَ ﴾|﹜ (البقرة:٤٣)


وبهذا الإتحاد صار الإنسانُ وهو المخلوق الضعيف الصغير الذي هو كالذرة في هذه العوالم، عبداً محبوباً لدى خالق السماوات والأرض من جهة عظمة عبوديته له، وأَصبح خليفةَ الأرض وسلطانَها، وسيد الحيوانات ورئيسها، وغاية خلق الكائنات ونتيجتها. أَرأيت لو اجتمعت في عالم الشهادة أيضاً -كما هو في عالم الغيب- أصواتُ المكبرين البالغين مئات الملايين من المؤمنين ب«الله أكبر» عقب الصلوات ولاسيما صلاة العيد، واتحدتْ جميعُها في آن واحد أما كانت متساوية لصوت تكبيرة «الله أكبر» تطلقها كرةُ الأرض ومتناسبةً مع


Yükleniyor...