النكتة الثامنة

تبين الآية الكريمة ﹛﴿ لَقَدْ جَٓاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ اَنْفُسِكُمْ.. ﴾|﹜ كمالَ شفقة الرسول الكريم ﷺ ومنتهى رأفته نحو أمته. أما التي تعقبها ﹛﴿ فَاِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّٰهُ.. ﴾|﹜ فهي تقول:

«أيها الناس! أيها المسلمون! اعلموا كم هو انعدامٌ للوجدان وفقدان للعقل إعراضُكم عن سنن هذا النبي الرؤوف الرحيم، وعما بَلَّغ من أحكام، لحد إنكاركم شفقتَه البديهية، واتهام رأفته المشاهَدة، وهو الذي أرشدكم برأفته الواسعة وبذل كل ما أوتى لأجل مصالحكم، مداوياً جراحاتكم المعنوية ببلسم سننه الطاهرة والأحكام التي أتى بها.

وأنت أيها الرسول الحبيب الرؤوف الرحيم، إن لم يعرف هؤلاء شفقتَك العظيمة هذه، لبلاهتهم، ولم يقدروا رأفتك الواسعة هذه، فأداروا لك ظهورَهم، ولم يعيروا لك سمعاً.. فلا تُبالِ ولا تهتم فإن رب العرش العظيم الذي له جنود السماوات والأرض والذي تهيمن ربوبيتُه من على العرش الأعظم المحيط بكل شيء، لهو كافٍ لك.. وسيجمع حولك المطيعين حقاً، ويجعلهم يصغون إليك ويرضون بأحكامك».

نعم، إنه ليست في الشريعة المحمدية والسنة الأحمدية مسألة إلّا وفيها حِكَمٌ عديدة، فأنا هذا الفقير إلى الله أدَّعي بهذا، رغم كل عجزي وقصوري. وأنا على استعداد لإثبات هذه الدعوى. فما كتبتُه لحد الآن من أكثر من سبعين رسالة من «رسائل النور» إنما هو بمثابة سبعين شاهداً صادقاً على مدى الحكمة والحقيقة التي تنطوي عليها السنة الأحمدية والشريعة المحمدية، فلو قُدر وكتب هذا الموضوع فلا يكفي سبعون رسالة ولا سبعة آلاف رسالة لإيفاء تلك الحِكم حقها.

ثم إني قد شاهدت شخصياً، وتذوقتُه بنفسي، بل لي ألف تجربة وتجربة: أن دساتير المسائل الشرعية والسنة النبوية أفضلُ دواء وأنفعُه للأمراض الروحية والعقلية والقلبية، ولاسيما الاجتماعية منها. فأنا أعلن بمشاهدتي وإحساسي هذا، وقد أشعرت الآخرين بشيء منها في الرسائل بأنه: لا يمكن أن تسد مسدّ تلك المسائل أية حلول فلسفية ولا أية مسألة حكيمة. فالذين يرتابون في ادعائي هذا عليهم مراجعة أجزاء «رسائل النور».

Yükleniyor...