وبناء على هذا السر: يتساوى في إنكار الكفار لحقيقةٍ واحدة الواحدُ مع الألف، لعدم وجود التساند فيه. يشبه ذلك، حلَّ مسألة ذهنية، أو المرورَ من ثقب، أو القفز من فوق الخندق، التي لا تساند فيها.

أما المثبتون فلأنهم ينظرون إلى الأمر نفسه، أي إلى واقع الحال، فإن دعاواهم تتحد وتتعاون ويمدُّ بعضُها البعض الآخر قوةً، بمثل التعاون الحاصل في رفع صخرةٍ عظيمة، فكلما تكاثرت الأيدي عليها، سهُل رفعُها أكثر، حيث يستمد كلٌ منهم القوة من الآخر.

المذكّرة السابعة

يا مَنْ يحثّ المسلمين ويشوّقهم على حُطام الدنيا ويسوقُهم قسراً إلى صنائع الأجانب والتمسك بأذيال رقيّهم. ويا مدّعي الحمية، أيها الشقي!. تمهّل، وتأمّل! واحذر من انقطاع عُرى الدين لبعض أفراد هذه الأمة وانفصام روابطهم معه، لأنه إذا انقطعت تلك الروابط لدى البعض تحت سطوة مطارق التقليد الأعمى والسلوك الأرعن، فسيكونون مُلحدين مضرّين بالمجتمع، مُفسدين للحياة الاجتماعية كالسمّ القاتل، إذ المرتد سمٌّ زعاف للمجتمع، حيث قد فسد وجدانُه وتعفنت طويتُه كلياً، ومن هنا ورد في علم الأصول: «المرتد لا حقّ له في الحياة، خلافاً للكافر الذميّ أو المعاهَدِ فإن له حقاً في الحياة» وأن شهادة الكافر من أهل الذمة مقبولةٌ عند الأحناف بينما الفاسقُ مردودُ الشهادة (3) لأنه خائن.

أيها الفاسق الشقي! لا تَغْترّ بكثرة الفُسّاق، ولا تقل إن أفكار أكثرية الناس تساندني وتؤيدني، ذلك لأنه لم يدخل الفسقَ فاسقٌ برغبةٍ فيه وطلباً لذات الفسق، بل وقع فيه ولا يستطيع الخروج منه، إذ ما من فاسقٍ إلّا ويتمنى أن يكون تقياً صالحاً، وأن يكون رئيسه وآمرُه ذا دينٍ وصلاح، اللهم إلّا من أُشربَ قلبُه بالردّة - والعياذ بالله - فَفَسد وجدانه بها، وأَصبح يلتذ بلدغ الآخرين وإيذائهم كالحيّة.

أيها العقل الأَبله والقلب الفاسد! أتظنُّ أن المسلمين لا يرغبون في الدنيا، ولا يفكرون


Yükleniyor...