الباطلة؟ إذن فقد حكم عليك قَدَرُك بالتعاسة وقضى عليك بالشقاء!. فيهلك ذلك المسكين في هذا اليأس المدمّر.

وهكذا فإن حصن المؤمن الحصين من الدسائس الشيطانية المتقدّمة هي المُحكمات القرآنية والحقائق الإيمانية المرسومةُ حدودُها بدساتير العلماء المحققين والأصفياء الصالحين. أما الدسائس الأخيرة فإنها تُردّ بالاستعاذة بالله سبحانه وتعالى وبإهمالها، لأن من طبيعة الوساوس أنها تكبر وتتضخم كلما زاد الاهتمام بها. فالسُنّة المحمدية للمؤمن هي البلسم الشافي لمثل هذه الجراحات الروحية.

الإشارة السابعة

سؤال: إن أئمة المعتزلة عندما اعتبروا أن إيجادَ الشر شرٌ، لم يردّوا إلى الله سبحانه خلقَ الكفر والضلالة، فكأنهم بهذا ينزّهونه سبحانه ويقدسونه، فقالوا: «إن البشَر هو خالقٌ لأفعاله» فضلّوا بذلك. وكذلك قالوا: «يزول إيمانُ من ارتكب الكبائر لأن صدقَ العقيدة في الله لا يتلاءم واِرتكاب مثل هذه الخطايا والذنوب، حيث إن الإنسان الذي يحذر مخالفةَ القوانين في الدنيا رهبةً من السجن الوقتي، إن ارتكب الكبائر دون أن يبالي لغضب الخالق العظيم، ولا لعذاب جهنم الأبدي، لابد أن يكون ذلك دليل عدم إيمانه».

جواب الشقّ الأول من السؤال: هو ما أوضحناه في «رسالة القدر» وهو:

أن خلقَ الشرّ ليس شرّاً، وإنما كسبُ الشرّ شرٌ، لأن الخلق والإيجاد يُنظر إليه من حيث النتائج العامة. فوجودُ شرٍّ واحد، إنْ كان مقدمةً لنتائج خيّرة كثيرة، فإن إيجاده يصبح خيراً باعتبار نتائجه، أي يدخل في حكم الخير.

فمثلاً: النار لها فوائد ومنافع كثيرة جداً، فلا يحق لأحد أن يقول: إن إيجاد النار شرٌّ إذا ما أساء استعمالها باختياره وجعلها شرّاً ووبالاً على نفسه.

وكذلك خلقُ الشياطين وإيجادُهم فيه نتائج كثيرة ذات حكمة للإنسان، كسموّه في سلّم الكمال والرقي. فلا يسيغ لمن استسلم للشيطان -باختياره وكسبه الخاطئ- أن يقول: إن خلقَ الشيطان شرٌ. إذ قد عمل الشر لنفسه بكسبه الذاتي.

Yükleniyor...