الأنبياء الباقون عليهم السلام، ثم الأولياء ثم الصالحون. وقد تلقوا جميعاً تلك الأمراض التي قاسوها عبادةً خالصة وهدية رحمانية، فأدّوا الشكر من خلال الصبر، وكانوا يرونها نوعاً من العمليات الجراحية تُمنح لهم من لدن الرحمن الرحيم.
فأنت أيها المريض المتأوه المتألم! إنْ كنت تروم الالتحاق بهذه القافلة النورانية، فأدِّ الشكر في ثنايا الصبر، وإلّا فإن شكواك ستجعلهم يحجمون عن ضمّك إلى قافلتهم، وستهوي بنفسك في هوة الغافلين! وستسلك درباً تخيّم عليه الظلمات.
نعم، هناك أمراض إذا أعقبتها المنية، يُكَلل صاحبُها بشهادة معنوية تجعله يحرز مقام الولاية لله، وهي تلك الأمراض التي تتمخض عن الولادة (9) وغصص البطن، والغرق والحرق والطاعون، فهذه الأمراض إذا مات بها صاحبُها فإنه سيرتفع إلى درجة الشهيد المعنوي. فهناك أمراض كثيرة ذات بركة تكسب صاحبها درجة الولاية بالموت الذي تنتهي به، (10) ولما كان المرض يخفف من شدة حب الدنيا وغلوائها ومن عشقها والعلاقة الشديدة بها فهو يخفف كذلك الفراق الأليم والمرّ لأهل الدنيا وهم يغادرونها بالموت بل قد يحببه إليهم.
الدواء السادس عشر
أيها المريض الشاكي من الضجر! إنَّ المرض يُلقّن صاحبَه أهم عرى الحياة الاجتماعية والإنسانية وأجمل أواصرها وهما الاحترام والمحبة، لأنه ينقذ الإنسان من الاستغناء عن الآخرين، ذلك الاستغناء الذي يسوق إلى الوحشة ويجرد الإنسان من الرحمة، لأنه كما يتبيّن من الآية الكريمة: ﹛﴿ كَلَّٓا اِنَّ الْاِنْسَانَ لَيَطْغٰىۙ ❀ اَنْ رَاٰهُ اسْتَغْنٰى ﴾|﹜ (العلق:٦-٧) أنَّ النفس الأمارة الواقعة في شِباك الاستغناء -الناجم عن الصحة والعافية- لن تشعر بالاحترام اللائق تجاه العلاقات الأخوية، ولن تحس بالرحمة والرأفة بالمبتلين بالمصائب والأمراض الجديرين بالرحمة والعطف. ولكن متى ما انتاب الإنسانَ المرضُ و أدرك مدى عجزه، ومدى فقره، تحت ضغوط المرض وآلامه وأثقاله فإنه يشعر بالاحترام لأشقائه المؤمنين اللائقين بالاحترام الذين يقومون برعايته، أو الذين يأتون لعيادته، ويشعر كذلك بالرأفة الإنسانية وهي خصلة
فأنت أيها المريض المتأوه المتألم! إنْ كنت تروم الالتحاق بهذه القافلة النورانية، فأدِّ الشكر في ثنايا الصبر، وإلّا فإن شكواك ستجعلهم يحجمون عن ضمّك إلى قافلتهم، وستهوي بنفسك في هوة الغافلين! وستسلك درباً تخيّم عليه الظلمات.
نعم، هناك أمراض إذا أعقبتها المنية، يُكَلل صاحبُها بشهادة معنوية تجعله يحرز مقام الولاية لله، وهي تلك الأمراض التي تتمخض عن الولادة (9) وغصص البطن، والغرق والحرق والطاعون، فهذه الأمراض إذا مات بها صاحبُها فإنه سيرتفع إلى درجة الشهيد المعنوي. فهناك أمراض كثيرة ذات بركة تكسب صاحبها درجة الولاية بالموت الذي تنتهي به، (10) ولما كان المرض يخفف من شدة حب الدنيا وغلوائها ومن عشقها والعلاقة الشديدة بها فهو يخفف كذلك الفراق الأليم والمرّ لأهل الدنيا وهم يغادرونها بالموت بل قد يحببه إليهم.
الدواء السادس عشر
أيها المريض الشاكي من الضجر! إنَّ المرض يُلقّن صاحبَه أهم عرى الحياة الاجتماعية والإنسانية وأجمل أواصرها وهما الاحترام والمحبة، لأنه ينقذ الإنسان من الاستغناء عن الآخرين، ذلك الاستغناء الذي يسوق إلى الوحشة ويجرد الإنسان من الرحمة، لأنه كما يتبيّن من الآية الكريمة: ﹛﴿ كَلَّٓا اِنَّ الْاِنْسَانَ لَيَطْغٰىۙ ❀ اَنْ رَاٰهُ اسْتَغْنٰى ﴾|﹜ (العلق:٦-٧) أنَّ النفس الأمارة الواقعة في شِباك الاستغناء -الناجم عن الصحة والعافية- لن تشعر بالاحترام اللائق تجاه العلاقات الأخوية، ولن تحس بالرحمة والرأفة بالمبتلين بالمصائب والأمراض الجديرين بالرحمة والعطف. ولكن متى ما انتاب الإنسانَ المرضُ و أدرك مدى عجزه، ومدى فقره، تحت ضغوط المرض وآلامه وأثقاله فإنه يشعر بالاحترام لأشقائه المؤمنين اللائقين بالاحترام الذين يقومون برعايته، أو الذين يأتون لعيادته، ويشعر كذلك بالرأفة الإنسانية وهي خصلة
Yükleniyor...