ومثلاً: إن الذي لا يقيم الفرائضَ ولا يؤدي وظيفةَ العبودية حق الأداء وهو يتألم من توبيخ آمره البسيط لتقاعسه عن واجب بسيط، فإنّ تكاسله عن أداء الفرائض إزاء الأوامر المكررة الصادرة من الله العظيم، يورثه ضِيقاً شديداً وظلمةً قاتمةً في روحه، ويسوقُه هذا الضيقُ إلى الرغبة في أن يتفوّه ويقول ضمناً: «ليته لم يأمر بتلك العبادة!» وتثير هذه الرغبةُ فيه الإنكارَ، الذي يُشمّ منه عداءً معنوياً تجاه ألوهيته سبحانه!، فإذا ما وردت شبهةٌ تافهة إلى القلب حول وجوده سبحانه، فإنه يميل إليها كأنها دليل قاطع. فينفتح أمامَه بابٌ عظيمٌ للهلاك والخسران المبين. ولكن لا يدرك هذا الشقي أنه قد جعل نفسه -بهذا الإنكار- هدفاً لضيق معنوي أرهبَ وأفظعَ بملايين المرات من ذلك الضيق الجزئي الذي كان يشعر به من تكاسله في العبادة، كمن يفرّ من لسع بعوضة إلى عض حية!
فليُفهَم في ضوء هذه الأمثلة الثلاثة سرّ الآية الكريمة:
﹛﴿ بَلْ۔ رَانَ عَلٰى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾|﹜ (المطففين: ١٤).
النكتة الثانية
مثلما وُضّح في «الكلمة السادسة والعشرين» الخاصة بالقدر: إن الإنسان ليس له حق الشكوى من البلاء والمرض بثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أنَّ الله سبحانه يجعل ما ألبسَه الإنسانَ من لباس الوجود دليلا على صنعته المُبدعة، حيث خلقه على صورة نموذج (موديل) يفصّل عليه لباسَ الوجود، يبدّلُه ويقصُّه ويغيّرُه، مبيناً بهذا التصرف تجليات مختلفة لأسمائه الحسنى. فمثلما يستدعي اسمُ «الشافي» المرضَ، فإن اسم «الرزاق» أيضاً يقتضي الجوعَ. وهكذا فهو سبحانه مالكُ المُلك يتصرف في مُلكه كيف يشاء.
الوجه الثاني: أنَّ الحياة تتصفّى بالمصائب والبلايا، وتتزكّى بالأمراض والنوائب، وتجد بها الكمال وتتقوى وتترقى وتسمو وتثمر وتنتج وتتكامل وتبلغ هدفَها المراد لها، فتؤدي مهمتَها الحياتية. أما الحياةُ الرتيبة التي تمضى على نسق واحد وتمر على فراش الراحة، فهي أقربُ إلى العدم الذي هو شرّ محضٌ منه إلى الوجود الذي هو خيرٌ محض. بل هي تُفضي إلى العدم.
فليُفهَم في ضوء هذه الأمثلة الثلاثة سرّ الآية الكريمة:
النكتة الثانية
مثلما وُضّح في «الكلمة السادسة والعشرين» الخاصة بالقدر: إن الإنسان ليس له حق الشكوى من البلاء والمرض بثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أنَّ الله سبحانه يجعل ما ألبسَه الإنسانَ من لباس الوجود دليلا على صنعته المُبدعة، حيث خلقه على صورة نموذج (موديل) يفصّل عليه لباسَ الوجود، يبدّلُه ويقصُّه ويغيّرُه، مبيناً بهذا التصرف تجليات مختلفة لأسمائه الحسنى. فمثلما يستدعي اسمُ «الشافي» المرضَ، فإن اسم «الرزاق» أيضاً يقتضي الجوعَ. وهكذا فهو سبحانه مالكُ المُلك يتصرف في مُلكه كيف يشاء.
الوجه الثاني: أنَّ الحياة تتصفّى بالمصائب والبلايا، وتتزكّى بالأمراض والنوائب، وتجد بها الكمال وتتقوى وتترقى وتسمو وتثمر وتنتج وتتكامل وتبلغ هدفَها المراد لها، فتؤدي مهمتَها الحياتية. أما الحياةُ الرتيبة التي تمضى على نسق واحد وتمر على فراش الراحة، فهي أقربُ إلى العدم الذي هو شرّ محضٌ منه إلى الوجود الذي هو خيرٌ محض. بل هي تُفضي إلى العدم.
Yükleniyor...