نعم، إن غاية هذه الحياة ونتيجتَها هي الحياة الأبدية، كما أن ثمرة من ثمارها هي الشكر والعبادة والحمد والمحبة تجاه واهب الحياة «الحي المحيي» وإن هذا الشكر والمحبة والحمد والعبادة هي ثمرة الحياة كما أنها غاية الكائنات.
فاعلم من هذا: أن الذين يحصرون غاية هذه الحياة في: «عيشٍ برفاه، وتمتّع بغفلة، وتنعّم بهوى» إنما يستخفّون -بجهل مستهجَن قبيح- بهذه النعمة الغالية الكبرى، نعمة الحياة، وهدية الشعور، وإحسان العقل، ويحقرونها وينكرونها بل يكفرون بها فيرتكبون كفراناً عظيماً وإثماً مبيناً.
الرمز الثاني:
الحياة التي هي أعظمُ تجلٍّ لاسم الله «الحي» وألطفُ تجلٍ لاسم الله «المحيي» يحتاج في بيان مراتبها وصفاتها ووظائفها -المذكور فهرستُها في الرمز الأول- إلى كتابة رسائل عدة بعدد تلك المزايا والخصائص. لذا سنشير إشارة مختصرة إلى بضعٍ منها محيلين تفاصيلها إلى أجزاء «رسائل النور»، حيث بَيّنت قسماً من تلك الخصائص والمراتب والمهمات. فلقد ذكر في الخاصية الثالثة والعشرين من الخصائص التسعة والعشرين للحياة: أن وجْهَي الحياة صافيان، شفافان، رائقان. فلم تضع القدرةُ الربانية أسباباً ظاهرية لتصرفاتها فيها. وسرّ هذه الخاصية هو ما يأتي:
«إنَّ كل شيء في الكون ينطوي على خير، وفيه جمالٌ وحُسن، أما الشر والقبح فهما جزئيان جداً، وهما بحُكم وحدتين قياسيتين، أي إنهما وُجدا لإظهار ما في الخير وما في الجمال من مراتب كثيرة وحقائق عديدة؛ لذا يُعَدُّ الشرُّ خيراً والقبحُ حُسناً من هذه الزاوية. أي من زاوية كونهما
Yükleniyor...