نعم، إنه لابد من الحفاظ على المرآة لأنها مَظهرٌ يظهر تلك الصفات. فروحُ المرشد وقلبه مرآةٌ، تصبح مَعكَساً للفيوضات الربانية التي يفيضها الحق سبحانه عليها، فيصبح المرشد وسيلة لانعكاس تلك الفيوضات إلى مريده.

لذا يجب ألّا يُسند إليه مقامٌ أكثر من مقام الوسيلة -من حيث الفيوضات- بل يُحتمل ألّا يكون ذلك الأستاذ الذي يُنظر إليه كأنه مصدر مَظهراً ولا مصدراً. وإنما يرى مريده ما أخذه من فيوضات -في طريق آخر- يراها في مرآة روح شيخه، وذلك لما يحمل من صفاء الإخلاص نحوه وشدة العلاقة به ودنو صلته به وحصر نظره فيه. مَثَلهُ في هذا كمثل المنوّم مغناطيسياً إذ ينفتح في خياله نافذةٌ إلى عالم المثال بعد إمعانه النظر في المرآة، فيشاهد فيها مناظر غريبة عجيبة، علماً أن تلك المناظر ليست في المرآة وإنما فيما وراء المرآة مما يتراءى له من نافذة خيالية التي انفتحت نتيجة إمعان النظر في المرآة.

لهذا يمكن أن يكون مريدٌ مخلصٌ لشيخ غير كامل أكمل من شيخه، فينبري إلى إرشاد شيخه، ويصبح شيخاً لشيخه.

المذكِّرة الرابعة عشرة

تتضمن أربعة رموز صغيرة تخصّ التوحيد:

الرمز الأول: يا من يستمدّ من الأسباب، إنك «تنفخ من غيرِ ضَرم وتستسمن ذا ورم». (8) إذا رأيت قصراً عجيباً يُبنى من جواهر غريبة، لا يوجد وقت البناء بعضُ تلك الجواهر إلّا في الصين، وبعضها إلاّ في الأندلس، وبعضها إلاّ في اليمن، وبعضها إلّا في سيبيريا. وإذا شاهدت أن البناء يتم على أحسن ما يكون، وتُجلب له تلك الأحجار الكريمة من الشرق والغرب والشمال والجنوب بأسرع وقت وبسهولة تامة وفي اليوم نفسه.. فهل يبقى لديك ريب في أن بنّاء ذلك القصر باسطٌ هيمنتَه على الكرة الأرضية؟.

وهكذا كلّ كائنٍ، بناءٌ، وقصر إلهي، ولاسيما الإنسان. فهو من أجمل تلك القصور ومن أعجبها، لأن قسماً من الأحجار الكريمة لهذا القصر البديع من عالم الأرواح، وقسم منها من

Yükleniyor...