تدلنا هذه الآية الكريمة والحديث النبوي الشريف معاً على مدى أهمية الإخلاص في الإسلام، ومدى عظمته أساساً تستند إليه أمور الدين. فمن بين النكت التي لا حصر لها لمبحث «الإخلاص» نبين باختصار خمس نقاط فقط.

النقطة الأولى

سؤال مهم ومثير للدهشة:

لماذا يختلف أصحابُ الدين والعلماء وأرباب الطرق الصوفية وهم أهل حق ووفاق ووئام بالتنافس والتزاحم، في حين يتفق أهلُ الدنيا والغفلة بل أهل الضلالة والنفاق من دون مزاحمة ولا حسد فيما بينهم، مع أن الاتفاق هو من شأن أهل الوفاق والوئام، والخلاف ملازمٌ لأهل النفاق والشقاق. فكيف استبدل الحق والباطل مكانهما؛ فأصبح الحق بجانب هؤلاء والباطل بجانب أولئك؟

الجواب: سنبين سبعة من الأسباب العديدة لهذه الحالة المؤلمة التي تقض مضجع الغيارى الشهمين.

السبب الأول:

إنَّ اختلاف أهل الحق غير نابع من فقدان الحقيقة، كما أن اتفاق أهل الغفلة ليس نابعاً من ركونهم إلى الحقيقة. بل إن وظائف أهل الدنيا والسياسة والمثقفين وأمثالهم من طبقات المجتمع قد تعيّنت وتميزت؛ فلكل طائفة وجماعة وجمعية مهمة خاصة تنشغل بها، وما ينالونه من أجرة مادية -لقاء خدماتهم ولإدامة معيشتهم- هي كذلك متميزة ومتعيّنة، كما أن ما يكسبونه من أجرة معنوية كحب الجاه وذيوع الصيت والشهرة، هي الأخرى متعينة ومخصصة ومتميزة. (3) فليس هناك إذن ما يولد منافسة أو مزاحمة أو حسداً فيما بينهم. وليس هناك ما يوجب المناقشة والجدال، لذا تراهم يتمكنون من الاتفاق مهما سلكوا من طرق الفساد.


Yükleniyor...