الإشارة الثالثة
سؤال: أين يكمن السرُّ والحكمة في وعيد القرآن المرعب وتهديدِه لأهل الضلالة تجاه عملٍ جزئي صَدَر منهم، مما لا يتناسب بظاهر العقل مع بلاغتِه التي تتّسم بالعدالة والانسجام وأسلوبِه المعجِز الرزين. إذ كأنه يحشّد الجيوشَ الهائلة تجاه شخص عاجز لا حظّ له في المُلك، فيُكسِبُه منزلةَ شريكٍ متجاوز حدَّه؟
الجواب: إن سرَّ ذلك وحكمته أنَّ في وسع الشياطين ومَن تبعهم أن يقوموا بتخريب مدمّر بحركة بسيطة تصدر منهم، لأنهم يسلكون طريقَ الضلالة، فيلحِقون بفعل جزئي يصدرُ منهم خسائرَ جسيمة بحقوق الكثيرين، مَثلهُم في هذا كمثل رجلٍ ركب سفينةً تجارية عامرة للملِك ثم خرَقها خرقاً بسيطاً، أو ترك واجباً كان عليه أن يؤديه، فأهدر بفعله هذا جهدَ مَن في السفينة، وأفسدَ عليهم جَنيَ ثمار عملِهم فيها، وأبطلَ نتائج أعمال كل مَن له علاقة بها، لذا سيهدّده الملك الذي يملك السفينة تهديداتٍ عنيفة، باسم جميع رعاياه في السفينة وجميع المتضررين فيها، وسيعاقبه أشدّ العقاب حتماً، لا لحركته الجزئية أو تركه الواجب، وإنما للنتائج المترتبة على تلك الحركة أو الترك البسيط، وليس لتجاوزه حِمى الملك، وإنما لتعدّيه على حقوق الرعية جميعها.
وكذلك سفينةُ الأرض، ففيها مع المؤمنين أهلُ الضلال من حزب الشيطان الذين يستخفّون بنتائج الوظائف الحكيمة للموجودات الرائعة بل يعدّونها عبثاً وباطلاً، فيحقّرون بذلك جميعها، مما تشكّل خطيئاتهم ومعاصيهم -الجزئية في الظاهر- تجاوزاً واضحاً وتعدّياً صارخاً على حقوق الموجودات كافةً، لذا فإن الله سبحانه وهو ملك الأزل والأبد يحشّد التهديدات المروّعة ضد ذلك التدمير الصادر من أهل الضلالة. وهذا هو الانسجام التام في أسلوب القرآن الكريم والتوافق الرائع، وهو الحكمة البالغة الخالصة المستترة في روح البلاغة التي هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وهي بعيدةٌ كل البعد ومنزّهة كل التنزيه عن المبالغة التي هي الإسراف في الكلام.
فيا هلاكَ ويا ضياعَ مَن لا يُحَصِّن نفسه بحصن منيع من أولئك الأعداء الألداء الذين يقومون بتخريب مروّع وتدمير هائل بحركاتهم الجزئية.
سؤال: أين يكمن السرُّ والحكمة في وعيد القرآن المرعب وتهديدِه لأهل الضلالة تجاه عملٍ جزئي صَدَر منهم، مما لا يتناسب بظاهر العقل مع بلاغتِه التي تتّسم بالعدالة والانسجام وأسلوبِه المعجِز الرزين. إذ كأنه يحشّد الجيوشَ الهائلة تجاه شخص عاجز لا حظّ له في المُلك، فيُكسِبُه منزلةَ شريكٍ متجاوز حدَّه؟
الجواب: إن سرَّ ذلك وحكمته أنَّ في وسع الشياطين ومَن تبعهم أن يقوموا بتخريب مدمّر بحركة بسيطة تصدر منهم، لأنهم يسلكون طريقَ الضلالة، فيلحِقون بفعل جزئي يصدرُ منهم خسائرَ جسيمة بحقوق الكثيرين، مَثلهُم في هذا كمثل رجلٍ ركب سفينةً تجارية عامرة للملِك ثم خرَقها خرقاً بسيطاً، أو ترك واجباً كان عليه أن يؤديه، فأهدر بفعله هذا جهدَ مَن في السفينة، وأفسدَ عليهم جَنيَ ثمار عملِهم فيها، وأبطلَ نتائج أعمال كل مَن له علاقة بها، لذا سيهدّده الملك الذي يملك السفينة تهديداتٍ عنيفة، باسم جميع رعاياه في السفينة وجميع المتضررين فيها، وسيعاقبه أشدّ العقاب حتماً، لا لحركته الجزئية أو تركه الواجب، وإنما للنتائج المترتبة على تلك الحركة أو الترك البسيط، وليس لتجاوزه حِمى الملك، وإنما لتعدّيه على حقوق الرعية جميعها.
وكذلك سفينةُ الأرض، ففيها مع المؤمنين أهلُ الضلال من حزب الشيطان الذين يستخفّون بنتائج الوظائف الحكيمة للموجودات الرائعة بل يعدّونها عبثاً وباطلاً، فيحقّرون بذلك جميعها، مما تشكّل خطيئاتهم ومعاصيهم -الجزئية في الظاهر- تجاوزاً واضحاً وتعدّياً صارخاً على حقوق الموجودات كافةً، لذا فإن الله سبحانه وهو ملك الأزل والأبد يحشّد التهديدات المروّعة ضد ذلك التدمير الصادر من أهل الضلالة. وهذا هو الانسجام التام في أسلوب القرآن الكريم والتوافق الرائع، وهو الحكمة البالغة الخالصة المستترة في روح البلاغة التي هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وهي بعيدةٌ كل البعد ومنزّهة كل التنزيه عن المبالغة التي هي الإسراف في الكلام.
فيا هلاكَ ويا ضياعَ مَن لا يُحَصِّن نفسه بحصن منيع من أولئك الأعداء الألداء الذين يقومون بتخريب مروّع وتدمير هائل بحركاتهم الجزئية.
Yükleniyor...