ولقد خطر للقلب: ما دام الإمام الأعظم «أبو حنيفة النعمان» وأمثالُه من الأئمة المجتهدين قد أوذوا بالسجن وتحملوا عذابه، وأن الإمام «أحمد بن حنبل» وأمثالَه من المجاهدين العظام قد عُذّبوا كثيراً لأجل مسألة واحدة من مسائل القرآن الكريم. وقد ثبت الجميع أمام تلك المِحن القاسية وكانوا في قمة الصبر والجَلَد، فلم يُبدِ أحدُهم الضجر والشكوى، ولم يتراجع عن مسألته التي قالها. وكذا علماءٌ عظام كثيرون وأئمة عديدون لم يتزلزلوا قط أمام الآلام والأذى الذي نزل بهم، بل صبروا شاكرين لله تعالى، مع أن البلاء الذي نزل بهم كان أشدّ مما هو نازل بكم، فلابد أن في أعناقكم دَين الشكر لله تبارك وتعالى شكراً جزيلاً على ما تتحملونه من العذاب القليل والمشقة اليسيرة النازلة بكم في سبيل حقائق عديدة للقرآن الكريم مع الثواب الجزيل والأجر العميم.
وسأبين هنا باختصار إحدى تجليات العناية الربانية من خلال الظلم الذي يقترفه البشر:
كنت أُكرر وأقول في العشرين من عمري: سأنزوي في أُخريات حياتي في مغارة، مبتعداً عن الحياة الاجتماعية كما كان ينزوي الزهاد في الجبال، وكذلك قررت عندما كنت أسيراً في شمال شرقي روسيا في الحرب العالمية الأولى أن أقضي بقية أيام عمري في الكهوف والمغارات منسلاً عن الحياة الاجتماعية والسياسية. كفاني تدخلاً.. فتجلّت العناية الربانية وعدالةُ القدر -رحمةً بشيخوختي- وحوّلتا تلك المغارات التي كنت أتصورها إلى ما هو خيرٌ وأفضل منها، وبما يفوق كثيراً رغبتي وقراري.. حوّلتاها إلى سجون انزواء وانفراد، ومنحتا لي «مدارس
Yükleniyor...