هذه الحياة، ويرجّح على مثل هذه الأوضاع التي لا تُطاق.. لذا ولّيت وجهي سارحاً بنظري إلى الجهات الست.. فما رأيت فيها إلّا الظلام الدامس. فالغفلةُ الناشئة من ذلك التألم الشديد والتأثر العميق أرتني الدنيا مخيفةً مرعبة، وأنها خالية جرداء وكأنها ستنقضّ على رأسي. كانت روحي تبحث عن نقطة استناد وركنٍ شديد أمام البلايا والمصائب غير المحدودة التي اتخذت صورةَ أعداء ألدّاء. وكانت تبحث أيضاً عن نقطة استمداد أمام رغباتها الكامنة غير المحدودة والتي تمتد إلى الأبد. فبينما كانت روحي تبحث عن نقطة استناد، وتفتش عن نقطة استمداد وتنتظر السلوانَ والتسرية من الهموم والأحزان المتولدة من الفراقات والافتراقات غير المحدودة والتخريبات والوفيات الهائلة، إذا بحقيقة آية واحدة من القرآن الكريم المعجِز وهي: ﹛﴿ سَبَّحَ لِلّٰهِ مَا فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِۚ وَهُوَ الْعَز۪يزُ الْحَك۪يمُ ❀ لَهُ مُلْكُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِۚ يُحْي۪ وَيُم۪يتُۚ وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَيْءٍ قَد۪يرٌ ﴾|﹜ (الحديد: ١-٢) تتجلى أمامي بوضوح وتنقذني من ذلك الخيال الأليم المرعب، وتنجيني من ألم الفراق والافتراق، فاتحةً عيني وبصيرتي. فالتفتُّ إلى الأثمار المعلقة على الأشجار المثمرة وهي تنظر إليّ مبتسمة ابتسامة حلوة وتقول لي:«لا تحصرنَّ نظرَك في الخرائب وحدها.. فهلّا نظرت إلينا، وأنعمت النظر فينا..».
نعم إنَّ حقيقة هذه الآية الكريمة تنبّه بقوة مذكِّرةً وتقول: لِمَ يُحزنك إلى هذا الحدّ سقوطُ رسالة عامرة شيّدت بيد الإنسان الضيف على صحيفة مفازة «وان»، حتى اتخذت صورةَ مدينة مأهولة؟ فلِمَ تحزن من سقوطها في السيل الجارف المخيف المسمّى بالاحتلال الروسي الذي محا آثارها وأذهب كتابتها؟ ارفعْ بصرَك إلى البارئ المصوّر وهو ربّ كل شيء ومالكُه الحقيقي، فناصيته بيده، وإن كتاباته سبحانه على صحيفة «وان» تُكتب مجدداً باستمرار بكمال التوهج والبهجة وإن ما شاهدته من أوضاع في الغابر والبكاء والنحيب على خلو تلك الأماكن وعلى دمارها وبقائها مقفرة إنما هو من الغفلة عن مالكها الحقيقي، ومن توهم الإنسان -خطأً- أنه هو المالك لها، ومن عدم تصوره أنه عابر سبيل وضيف ليس إلّا ..
فانفتح من ذلك الوضع المحرِق، ومن ذلك الخطأ في التصور بابٌ لحقيقة عظيمة، وتهيأت النفسُ لتقبلَها -كالحديد الذي يدخل في النار ليلين ويعطى له شكلاً معيناً نافعاً- إذ أصبحت تلك الحالة المحزنة وذلك الوضع المؤلم، ناراً متأججة ألانَت النفسَ. فأظهر القرآنُ
نعم إنَّ حقيقة هذه الآية الكريمة تنبّه بقوة مذكِّرةً وتقول: لِمَ يُحزنك إلى هذا الحدّ سقوطُ رسالة عامرة شيّدت بيد الإنسان الضيف على صحيفة مفازة «وان»، حتى اتخذت صورةَ مدينة مأهولة؟ فلِمَ تحزن من سقوطها في السيل الجارف المخيف المسمّى بالاحتلال الروسي الذي محا آثارها وأذهب كتابتها؟ ارفعْ بصرَك إلى البارئ المصوّر وهو ربّ كل شيء ومالكُه الحقيقي، فناصيته بيده، وإن كتاباته سبحانه على صحيفة «وان» تُكتب مجدداً باستمرار بكمال التوهج والبهجة وإن ما شاهدته من أوضاع في الغابر والبكاء والنحيب على خلو تلك الأماكن وعلى دمارها وبقائها مقفرة إنما هو من الغفلة عن مالكها الحقيقي، ومن توهم الإنسان -خطأً- أنه هو المالك لها، ومن عدم تصوره أنه عابر سبيل وضيف ليس إلّا ..
فانفتح من ذلك الوضع المحرِق، ومن ذلك الخطأ في التصور بابٌ لحقيقة عظيمة، وتهيأت النفسُ لتقبلَها -كالحديد الذي يدخل في النار ليلين ويعطى له شكلاً معيناً نافعاً- إذ أصبحت تلك الحالة المحزنة وذلك الوضع المؤلم، ناراً متأججة ألانَت النفسَ. فأظهر القرآنُ
Yükleniyor...