وتبييضها، فضلاً عن أنه قد أصابني منه شيءٌ من الغرور، حيث كنت أعدّ نفسي فائقاً على أقراني في هذا العمل، بما أجده في نفسي من كفاية في حسن الخط العربي. حتى إنه عندما أراد الأستاذ إرشادي إلى أمور تخص الكتابة العربية، قلت بشيءٍ من الغرور: «هذا الأمر يعود لي، أعرف هذا فلا أحتاج إلى توصية!». فتلقيت لطمةَ عطفٍ ورأفة نتيجة خطأي هذا، وهي أنني عجزت عن بلوغ أقراني في الكتابة، فسبقوني في الجودة.. فكنت أحارُ من أمري هذا، لماذا تخلّفتُ عنهم رغم تميّزي عليهم؟! ولكن الآن أدركت أن ذلك كان لطمةً رحمانية، ضربتني بها كرامةُ خدمة القرآن، حيث لا تقبل الغرور!

ثانيتها: كانت لديَّ حالتان تخلان بصفاء العمل للقرآن، تلقيتُ على أثرهما لطمةً شديدة. والحالتان هما:

كنت أعد نفسي غريباً عن البلد، بل كنت غريباً حقاً، فلأجل تبديد وحشة الغربة جالستُ أناساً مغرورين بالدنيا، فتعلمتُ منهم الرياء والتملق، علاوة على تعرضي لفقر الحال -ولا أشكو- حيث لم أراعِ دستورَ الأستاذ المهم في الاقتصاد والقناعة، رغم تنبيه الأستاذ لي على هذه الأمور وتحذيري، بل توبيخي أحياناً. فلم أستطع -مع الأسف- إنقاذ نفسي من هذه الورطة.. نسأل الله العفو والمغفرة.. فهاتان الحالتان استغلّتهما شياطينُ الجن والإنس فأصاب العملَ للقرآن الفتورُ، وتلقيت لطمة قوية، إلّا أنها كانت لطمة حنان ورأفة، فأيقنت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه اللطمة إنما هي من ذلك الوضع. وكانت على الوجه الآتي:

على الرغم من أنني كنت موضعَ خطاب الأستاذ وكاتب مسودات رسائله وتبييضها طوال ثماني سنوات. فلم أنل مع الأسف من نورها ما كان يفيض على غيري في ثمانية شهور. فكنت أنا والأستاذ حائرين أمام هذا الوضع! ونتساءل: لماذا؟ أي لماذا لا يدخل نورُ حقائق القرآن شغاف قلبي.. بحثنا عن الأسباب كثيراً، حتى علمنا الآن علماً جازماً، أن تلك الحقائق إنما هي نورٌ وضياء، ولا يجتمع النورُ مع ظلمات الرياء والتصنع والتزلف للآخرين.. لذا ابتعدتْ معاني حقائق هذه الأنوار عني وغدت كأنها غريبةٌ عني. أسأله سبحانه وتعالى أن يرزقني الإخلاصَ الكامل اللائق للعمل، وينقذني من الرياء والتذلل لأهل الدنيا. وأرجوكم جميعاً -وفي المقدمة أرجو الأستاذ- أن تجهدوا في الدعاء لي.

§العبد المقصر الحافظ توفيق الشامي>


Yükleniyor...