والشفقة والعدالة والحكمة، وكذا الألوهية الباسطة سلطانَها على الوجود كله والتي تريد إظهار كمالاتها وتعريف نفسها وتحبيبها بتزييناتها الكائنات ببدائع صنائعها وبما أسبغت عليها من نِعَمٍ هل يمكن أن تسمح -هذه الربوبية العظيمة والألوهية الجليلة- بعدم إقامة الحشر الذي يسبب الحطّ من قيمة جميع كمالاتها ومن قيمة مخلوقاتها قاطبة؟. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

فمثل هذا الجمال المطلق لا يرضى -بالبداهة- بمثل هذا القبح المطلق.

فالذي يريد أن ينكر الآخرة عليه أن ينكر وجود هذا الكون أولاً بجميع ما فيه من حقائق. وإلّا فالكائنات مع حقائقها المتأصلة فيها تكذِّبه بألوفٍ من الألسنة، وتثبت له أنه الكذّاب الأشر. وقد أثبتت «رسالة الحشر» بدلائل قاطعة: أن وجود الآخرة ثابت وقاطع لا ريب فيه كوجود هذه الدنيا.


Yükleniyor...