الوجه الثاني:
قوله تعالى: ﹛﴿ فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذٰلِكَ فَتْحًا قَر۪يبًا ﴾|﹜ .
تنبئ هذه الآية أن صلح الحديبية وإن بدا ظاهراً أنه ليس في صالح المسلمين وأن لقريش ظهوراً على المسلمين إلى حدٍ ما، إلّا أنه سيكون بمثابة فتح معنوي مبين، ومفتاحاً لبقية الفتوحات. وأن السيوف المادية وإن دخلت أغمادَها في الواقع إلّا أن القرآن الكريم قد سلّ سيفَه الألماسي البارقَ وفَتَحَ القلوب والعقول، إذ بسبب الصلح اندمجت القبائلُ فيما بينها واختلطت فاستولت فضائلُ الإسلام على العناد فمزّقت أَنوارُ القرآن حجبَ التعصب القومي الذميم.
فمثلاً: إن داهية الحرب خالد بن الوليد وداهيةَ السياسة عمرو بن العاص اللذين يأبيان أن يُغلَبا، غلَبَهما سيفُ القرآن الذي سطع في صلح الحديبية، حتى سارا معاً إلى المدينة المنورة وسلّما الإسلام رقابَهما، وانقادا إليه انقيادَ خضوع وطاعةٍ حتى أَصبح خالد بن الوليد سيفَ الله المسلول تفتح به الفتوحات الإسلامية.
سؤال مهم: إنَّ صحابة الرسول الكريم، وهو حبيب رب العالمين وسيد الكونين ﷺ، قد غُلبوا أمام المشركين في نهاية معركة أُحد وبداية معركة حُنين. فما الحكمة في هذا؟
الجواب: لأنه حينذاك كان بين المشركين كثيرون من أمثال خالد بن الوليد، ممن سيكونون في المستقبل مثلَ كبار الصحابة في ذلك الزمان، فلأجل ألّا تُكسَر عزّتُهم كلياً اقتضت حكمة الله أنْ تكافأهم مكافأةً عاجلة لحسناتهم المستقبلية، بمعنى أنَّ صحابةً في الماضي غُلبوا أمام صحابةٍ في المستقبل، لئلا يدخل هؤلاء -أي صحابة المستقبل- في الإسلام خوفاً من بريق السيوف، بل شوقاً إلى بارقة الحقيقة، ولئلا تذوق شهامتُهم الفطرية الهوانَ كثيراً.
الوجه الثالث:
إنَّ الآية الكريمة تخبر بقيد ﹛﴿ لَا تَخَافُونَ ﴾|﹜ بأنكم ستدخلون البيتَ الحرام وتطوفون حول الكعبة بأمان تام، علماً أن معظمَ قبائل الجزيرة العربية ومن هم حوالي مكة المكرمة وغالبيةَ قريش كلهم أعداءٌ للمسلمين، فهذا الإخبارُ يدل على أنكم تدخلون في أقرب وقت
قوله تعالى: ﹛﴿ فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذٰلِكَ فَتْحًا قَر۪يبًا ﴾|﹜ .
تنبئ هذه الآية أن صلح الحديبية وإن بدا ظاهراً أنه ليس في صالح المسلمين وأن لقريش ظهوراً على المسلمين إلى حدٍ ما، إلّا أنه سيكون بمثابة فتح معنوي مبين، ومفتاحاً لبقية الفتوحات. وأن السيوف المادية وإن دخلت أغمادَها في الواقع إلّا أن القرآن الكريم قد سلّ سيفَه الألماسي البارقَ وفَتَحَ القلوب والعقول، إذ بسبب الصلح اندمجت القبائلُ فيما بينها واختلطت فاستولت فضائلُ الإسلام على العناد فمزّقت أَنوارُ القرآن حجبَ التعصب القومي الذميم.
فمثلاً: إن داهية الحرب خالد بن الوليد وداهيةَ السياسة عمرو بن العاص اللذين يأبيان أن يُغلَبا، غلَبَهما سيفُ القرآن الذي سطع في صلح الحديبية، حتى سارا معاً إلى المدينة المنورة وسلّما الإسلام رقابَهما، وانقادا إليه انقيادَ خضوع وطاعةٍ حتى أَصبح خالد بن الوليد سيفَ الله المسلول تفتح به الفتوحات الإسلامية.
سؤال مهم: إنَّ صحابة الرسول الكريم، وهو حبيب رب العالمين وسيد الكونين ﷺ، قد غُلبوا أمام المشركين في نهاية معركة أُحد وبداية معركة حُنين. فما الحكمة في هذا؟
الجواب: لأنه حينذاك كان بين المشركين كثيرون من أمثال خالد بن الوليد، ممن سيكونون في المستقبل مثلَ كبار الصحابة في ذلك الزمان، فلأجل ألّا تُكسَر عزّتُهم كلياً اقتضت حكمة الله أنْ تكافأهم مكافأةً عاجلة لحسناتهم المستقبلية، بمعنى أنَّ صحابةً في الماضي غُلبوا أمام صحابةٍ في المستقبل، لئلا يدخل هؤلاء -أي صحابة المستقبل- في الإسلام خوفاً من بريق السيوف، بل شوقاً إلى بارقة الحقيقة، ولئلا تذوق شهامتُهم الفطرية الهوانَ كثيراً.
الوجه الثالث:
إنَّ الآية الكريمة تخبر بقيد ﹛﴿ لَا تَخَافُونَ ﴾|﹜ بأنكم ستدخلون البيتَ الحرام وتطوفون حول الكعبة بأمان تام، علماً أن معظمَ قبائل الجزيرة العربية ومن هم حوالي مكة المكرمة وغالبيةَ قريش كلهم أعداءٌ للمسلمين، فهذا الإخبارُ يدل على أنكم تدخلون في أقرب وقت
Yükleniyor...