وهكذا لأجل جلب الأنظار والحث على التدبّر في موجودات كأنها برزخ بين المعنويات والماديات يقول القرآن الكريم: ﴿ اِنَّمَٓا اَمْرُهُٓ اِذَٓا اَرَادَ شَئًْا اَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ . لذا فمن المعقول جداً أن تكون الحروف المقطّعة التي في أوائل السور أمثال: ﴿ الٓمٓ ﴾ ، ﴿ طٰسٓ ﴾ ، ﴿ حٰمٓ ﴾ ، وماشابهها من الشفرات الإلهية، عُقَداً وأزراراً حرفية تستطيع أن تهزّ أوتار العلاقات الدقيقة الخفية بين ذرات الهواء بلا زمان، بل من شأن تلك الحروف ومن وظائفها أن تؤدي مخابرات قدسية -كاللاسلكي المعنوي- من الأرض إلى العرش.
نعم، إنَّ كل ذرة بل كل ذرات الهواء المنتشرة في أقطار العالم تمتثل الأوامر وتنقلها عبر اللاسلكي والهاتف والبرقية، فضلاً عن نقلها سائر السيالات اللطيفة كالكهرباء. فلقد شاهدتُ بالحدس القطعي بل بالمشاهدة الحقة إحدى وظائفها -مما سوى المذكورة- في أَزاهير اللوز، وهي: أن الأشجار المنتشرة في أقطار الأرض كأنها جيش منظم يستلم الأمر نفسه في آن واحد. فبمجرد هبوب نسيم رقيق تستلم الأمر من تلك الذرات، وتظهر وضعاً معيناً. مما أورثتني تلك الحالة يقيناً تاماً وقناعة كاملة. بأن قيام الهواء في سطح الأرض كخادم أمين نشط فعال، يخدم ضيوفَ الرحمن الرحيم الذين يسكنون سطح الأرض، يبلّغ في الوقت نفسه أوامر الرحمن بذراته الشبيهة باللاسلكي إلى النباتات والحيوانات، بحيث تكون ذراتُه كلُّها في حكم خدّام الأمر وشبيهة بلاقطات اللاسلكي والهاتف. وفي الوقت نفسه يؤدي بأمر «كن» مهمات جليلة ووظائف منتظمة كثيرة، من أمثال تشكيل الحروف في الفم بعد خروجه منه، وتهوية الأنفاس واسترواح النفوس، أي بعد أدائه وظيفة تنقية الدم الباعث على الحياة، وإشعال
Yükleniyor...