ووسيلة للظفر بأنواع من وجود غير محدود بانبساط غير متناهٍ.. وهو بمثابة كلمة حكيمة تثمر من أنواع الوجود الكثيرة الباقية ما هو أكثر قيمة من وجودي حتى إن لحظةَ عيشٍ له من حيث انتسابه الإيماني ثمينٌ جداً، وله قيمةٌ عالية كقيمة وجودٍ أبدي دائم، فعلمتُ كل ذلك بعلم اليقين؛ لأن معرفتي بالشعور الإيماني بأن وجودي هذا أثرٌ من آثار واجب الوجود وصنعةٌ من صنعته وجلوة من جلواته جعلتني أنجو من ظلمات لا حدّ لها تورثها أوهام موحشة، وأتخلص من آلام لا حدّ لها نابعة من افتراقات وفراقات غير متناهية، ودفعتني لأمدّ روابطَ أخوة وثيقة إلى جميع الموجودات ولاسيما إلى ذوي الحياة، روابط بعدد الأفعال والأسماء الإلهية المتعلقة بالموجودات. وعلمت أن هناك وصالاً دائماً بهذه الروابط مع جميع ما أحبّه من الموجودات من خلال فراق مؤقت.

وهكذا فإن وجودي كوجودِ كل مؤمن، قد ظفر بالإيمان والانتساب الذي فيه بأنوارِ أنواع وجود غير محدودة لا افتراق فيها. فحتّى لو ذهب وجودي فإن بقاءَ تلك الأنواع من الوجود من بعده يُطمئن وجودي وكأنه قد بقي بنفسه كاملاً.

والخلاصة: أن الموت ليس فراقاً بل هو وصال وتبديل مكان وإثمار لثمرة باقية.

المرتبة النورية الحسبية الخامسة

لقد تصدّعتْ حياتي حيناً تحت أعباء ثقيلة جداً، حتى لفتت نظري إلى العمر، وإلى الحياة فرأيت أن عمري يجري حثيثاً إلى الآخرة.. وأن حياتي المتقربة إلى الآخرة قد توجهت نحو الانطفاء تحت المضايقات العديدة، ولكن الوظائفَ المهمة للحياة ومزاياها الراقية وفوائدَها الثمينة لا تليق بهذا الانطفاء السريع، بل تليق بحياة طويلة، مديدة، ففكرتُ في هذا بكل ألم وأسى، وراجعت أستاذي الآية الكريمة: ﹛﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾|﹜ فقالت لي: انظر إلى الحياة من حيث «الحي القيوم» الذي وهب لك الحياة. فنظرت إليها بهذا المنظار وشاهدت أنه: إن كان للحياة وجهٌ واحد متوجه إليّ أنا فإن لها مائة وجه متوجه إلى «الحي المحيي» وإن كانت لها نتيجة واحدة تعود إليّ أنا، فإن لها ألفاً من النتائج تعود إلى خالقي؛ لذا فإن لحظةً واحدة من الحياة، أو آناً من الوقت ضمن هذه الجهة كافٍ جداً، فلا حاجة إلى زمان طويل.

Yükleniyor...