ولما كنا قد أوضحنا هذا السرّ والحكمة في «اللمعة الثالثة» أراني هنا في غير حاجة إلى مزيدٍ من التوضيح، إلّا أنني أقول:
إنَّ الذي نجّاني من تلك الحالة المحزنة المؤلمة، تكراري ل«ياباقي أنت الباقي.. ياباقي أنت الباقي» مرتين والذي هو معنى الآية الكريمة: ﹛﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ اِلَّا وَجْهَهُ ﴾|﹜ وتوضيح ذلك: أنني عندما قلت: «يا باقي أنت الباقي» للمرة الأولى، بدأ التداوي والضماد بما يشبه العمليات الجراحية على تلك الجروح المعنوية غير المحدودة الناشئة من زوال الدنيا وزوال مَنْ فيها من الأحبّة -من أمثال «عبدالرحمن»- والمتولدة من انفراط عقد الروابط التي أرتبط بها معهم. أما في المرة الثانية فقد أصبحت جملة «ياباقي أنت الباقي» مرهماً لجميع تلك الجروح المعنوية، بلسماً شافياً لها، وذلك بالتأمل في المعنى الآتي:
ليرحل مَن يرحل يا إلهي فأنت الباقي وأنت الكافي، وما دمتَ باقياً فَلَتجلٍّ من تجليات رحمتك كافٍ لكل شيء يزول، وما دمتَ موجوداً فكل شيء إذن موجودٌ لمن يدرك معنى انتسابه إليك بالإيمان بوجودك ويتحرك على وفق ذلك الانتساب بسر الإسلام، فليس الفناء والزوال ولا الموت والعدم إلّا ستائر للتجديد، وإلّا وسيلةٌ للتجول في منازل مختلفة والسير فيها.. فانقلبتْ بهذا التفكير تلك الحالة الروحية المحرقة الحزينة، وتلك الحالة المظلمة المرعبة إلى حالة مسرّة بهيجة ولذيذة، وإلى حالة منورة محبوبة مؤنسة. فأصبح لساني وقلبي بل كلُّ ذرّة من ذرات جسمي، يردد بلسان الحال قائلاً: الحمد لله.
ولقد تجلى جزء من ألف جزء من ذلك التجلّي للرحمة بهذه الصورة:
عندما رجعت من موطن حزني.. من تلك الوديان، إلى «بارلا» حاملاً معي تلك الأحزان، رأيت شاباً يدعى «مصطفى قوله أونلى» قد أتاني مستفسراً عن بعض ما يشغله من مسائل الفقه والوضوء والصلاة.. فرغم أنني لم أكن أَستقبل الضيوف في تلك الفترة إلّا أن روحي كأنها قد قرأت ما في روح ذلك الشاب من الإخلاص، وكأنها شعرت -بحسٍّ قبل الوقوع- ما سوف يؤديه هذا الشاب من خدمات لرسائل النور في المستقبل، (11) لذا لم أردّه
إنَّ الذي نجّاني من تلك الحالة المحزنة المؤلمة، تكراري ل«ياباقي أنت الباقي.. ياباقي أنت الباقي» مرتين والذي هو معنى الآية الكريمة: ﹛﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ اِلَّا وَجْهَهُ ﴾|﹜ وتوضيح ذلك: أنني عندما قلت: «يا باقي أنت الباقي» للمرة الأولى، بدأ التداوي والضماد بما يشبه العمليات الجراحية على تلك الجروح المعنوية غير المحدودة الناشئة من زوال الدنيا وزوال مَنْ فيها من الأحبّة -من أمثال «عبدالرحمن»- والمتولدة من انفراط عقد الروابط التي أرتبط بها معهم. أما في المرة الثانية فقد أصبحت جملة «ياباقي أنت الباقي» مرهماً لجميع تلك الجروح المعنوية، بلسماً شافياً لها، وذلك بالتأمل في المعنى الآتي:
ليرحل مَن يرحل يا إلهي فأنت الباقي وأنت الكافي، وما دمتَ باقياً فَلَتجلٍّ من تجليات رحمتك كافٍ لكل شيء يزول، وما دمتَ موجوداً فكل شيء إذن موجودٌ لمن يدرك معنى انتسابه إليك بالإيمان بوجودك ويتحرك على وفق ذلك الانتساب بسر الإسلام، فليس الفناء والزوال ولا الموت والعدم إلّا ستائر للتجديد، وإلّا وسيلةٌ للتجول في منازل مختلفة والسير فيها.. فانقلبتْ بهذا التفكير تلك الحالة الروحية المحرقة الحزينة، وتلك الحالة المظلمة المرعبة إلى حالة مسرّة بهيجة ولذيذة، وإلى حالة منورة محبوبة مؤنسة. فأصبح لساني وقلبي بل كلُّ ذرّة من ذرات جسمي، يردد بلسان الحال قائلاً: الحمد لله.
ولقد تجلى جزء من ألف جزء من ذلك التجلّي للرحمة بهذه الصورة:
عندما رجعت من موطن حزني.. من تلك الوديان، إلى «بارلا» حاملاً معي تلك الأحزان، رأيت شاباً يدعى «مصطفى قوله أونلى» قد أتاني مستفسراً عن بعض ما يشغله من مسائل الفقه والوضوء والصلاة.. فرغم أنني لم أكن أَستقبل الضيوف في تلك الفترة إلّا أن روحي كأنها قد قرأت ما في روح ذلك الشاب من الإخلاص، وكأنها شعرت -بحسٍّ قبل الوقوع- ما سوف يؤديه هذا الشاب من خدمات لرسائل النور في المستقبل، (11) لذا لم أردّه
Yükleniyor...