ونموذجَه وفهرسه ومخططه متعينٌ في علمه سبحانه.. ولأنَّ جميع الذرات لا تتحرك إلّا ضمن دائرة علمه وقدرته؛ لذا فإنه يخلق كل شيء ويوجِده إيجاداً بلمح البصر وفي منتهى اليُسر، ولن يحيد شيءٌ عمّا أُنيط به في حركته ولو بمقدار ذرة. فتغدو الكواكب السيارة جيشاً منظماً طائعاً له، وتصبح الذرات جنوداً مطيعين لأمره، وحيث إن الجميع يسيرون على وفق تلك القدرة الأزلية ويتحركون وفق دساتير ذلك العلم الأزلي؛ لذا فإن هذه الآثار تأتي إلى الوجود حسب تلك القدرة، فلا تصغُر تلك الآثار بنظر الاستصغار، ولا تكون مهملة بعدم الاهتمام بها؛ إذ الذبابةُ المنتسبة إلى تلك القدرة تهلك نمروداً، والنملة تُدمِّرُ قصر فرعون، وبذرةُ الصنوبر المتناهية في الصغر تحمل على أكتافها ثقلَ شجرة الصنوبر الضخمة كالجبل. فكما أننا أثبتنا هذه الحقيقة في رسائل كثيرة فإننا نقول هنا كذلك: إنَّ الجندي المنتسب إلى السلطان بالجندية يمكنه أن يقوم بأعمال تفوق طاقته ألف مرة، كأنْ يأسر مثلاً قائداً عظيماً للعدو بانتسابه، كذلك فإن كل شيء بانتسابه إلى تلك القدرة الأزلية يكون مصدراً لمعجزات الصنعة والإتقان بما تفوق تلك الأسبابَ الطبيعية بمائة ألف مرة.
الخلاصة: إنَّ الصنعة المتقنة البديعة لكل شيء، والسهولة المطلقة في إيجاده، تظهران معاً أن ذلك الشيء من آثار القدير الأزلي ذي العلم المحيط، وإلّا فهو محال في مائة محال ورود ذلك الشيء إلى الوجود، بل يكون -عندئذٍ- خارجاً عن دائرة الإمكان وداخلاً في دائرة الامتناع، بل خارجاً من صورة الممكن إلى صورة الممتنع وماهية الممتنع، بل لا يمكن أن يرد -عندئذ- شيء مهما كان إلى الوجود مطلقاً.
وهكذا فإن هذا البرهان وهو في منتهى القوة والدقة، ومنتهى العمق والوضوح قد أسكت نفسي التي أصبحت تلميذةً مؤقتة للشيطان، ووكيلة لأهل الضلالة والفلسفة، حتى آمنت -ولله الحمد- إيماناً راسخاً، وقالت:
نعم، إنه ينبغي أن يكون لي ربٌ خالق يعلم ويسمع أدقّ خواطر قلبي وأخفى رجائي ودعائي. ويكون ذا قدرة مطلقة فيسعف أخفى حاجات روحي ويستبدل كذلك بهذه الدنيا الضخمة دنيا أخرى غيرها ليسعدني سعادة أبدية فيقيم الآخرة بعدما يرفع هذه الدنيا، وكما أنه يخلق الذباب فإنه يوجِد السماوات إيجاداً أيضاً. وكما أنه رصّع وجه السماء بعين الشمس جعل
الخلاصة: إنَّ الصنعة المتقنة البديعة لكل شيء، والسهولة المطلقة في إيجاده، تظهران معاً أن ذلك الشيء من آثار القدير الأزلي ذي العلم المحيط، وإلّا فهو محال في مائة محال ورود ذلك الشيء إلى الوجود، بل يكون -عندئذٍ- خارجاً عن دائرة الإمكان وداخلاً في دائرة الامتناع، بل خارجاً من صورة الممكن إلى صورة الممتنع وماهية الممتنع، بل لا يمكن أن يرد -عندئذ- شيء مهما كان إلى الوجود مطلقاً.
وهكذا فإن هذا البرهان وهو في منتهى القوة والدقة، ومنتهى العمق والوضوح قد أسكت نفسي التي أصبحت تلميذةً مؤقتة للشيطان، ووكيلة لأهل الضلالة والفلسفة، حتى آمنت -ولله الحمد- إيماناً راسخاً، وقالت:
نعم، إنه ينبغي أن يكون لي ربٌ خالق يعلم ويسمع أدقّ خواطر قلبي وأخفى رجائي ودعائي. ويكون ذا قدرة مطلقة فيسعف أخفى حاجات روحي ويستبدل كذلك بهذه الدنيا الضخمة دنيا أخرى غيرها ليسعدني سعادة أبدية فيقيم الآخرة بعدما يرفع هذه الدنيا، وكما أنه يخلق الذباب فإنه يوجِد السماوات إيجاداً أيضاً. وكما أنه رصّع وجه السماء بعين الشمس جعل
Yükleniyor...