المطبعة... هذه السلسلة الطويلة من الإجراءات تحتاج -أولاً وقبل كل شيء- إلى موجِد يوجد تلك المطبعة المفترضة، وليس هو إلّا القدرة الفاطرة للخالق القدير وإرادته النافذة.
إذن فاحتمال كون الطبيعة كأنها مطبعة، خرافة فاضحة لا معنى لها على الإطلاق.!
وهكذا على غرار ما شاهدناه في مثال «الساعة والكتاب»: إنَّ الصانع ذا الجلال وهو القادر على كل شئ، هو نفسه خالق الأسباب، وخالق المسبّبات، وهو الذي يربط المسبّبات بالأسباب بحكمته سبحانه، وقد عين بإرادته طبيعة الأشياء، وجعلها مرآة عاكسة لتجليات الشريعة الفطرية الكبرى التي فطر عليها الكون، والتي هي قوانين الله وسننه الجارية التي تخص تنظيم شؤون الكون، وقد أوجد بقدرته وجه «الطبيعة» التي يقوم عليها عالم الشهادة الخارجي الوجود، ثم خلق الأشياء وأنشأها على تلك الطبيعة ومازج بينهما بتمام الحكمة.
والآن نحيل الأمر إلى إنصاف عقلك المجحف ليرى: أيهما يستسيغه عقلك ويسهل عليه الاعتقاد به؟ أ هذه الحقيقة المعقولة النابعة من براهين دامغة غير محدودة -وهي مُلزمة إلى حدّ الوجوب- أم إعطاء ما يلزم للأشياء من أجهزة وأعضاء لا تحد، وإسناد أعمال تتسم بالحكمة والبصيرة إلى الشيء نفسه؟! أو نسبتها إلى ما تسمونه ب«الطبيعة» والأسباب التي هي مواد جامدة خالية من الشعور وهي مخلوقة مصنوعة؟ أليست هذه خرافة ممتنعة وخارجة عن نطاق الإمكان؟
يجيب عابد الطبيعة -ذلك الجاحد- قائلاً: ما دمت تدعوني إلى الإنصاف فأنا أعترف: بأنَّ ما سلكناه من طريق مضلّ إلى الآن مثلما أنه محال بمائة محال فهو مضر أيما ضرر، وهو في منتهى القبح والفساد. إنَّ مَن كان له مسكة من عقل يدرك من محاكماتكم العقلية، وتحقيقاتكم العلمية المسندة بالبراهين والمذكورة آنفاً، أن إسناد الإيجاد والخلق إلى الأسباب وإلى الطبيعة ممتنع عقلاً ومحال قطعاً، بل الواجب والضروري الملزم للعقل هو إسناد كل شيء مباشرة إلى واجب الوجود سبحانه، فاحمد الله الذي هداني إلى هذا الإيمان.
ولكن بقيتْ لدىّ شبهة واحدة فقط وهي: أنني أُؤمِن بالله ربّاً وأنه خالق كل شيء، ولكني أتساءل: ماذا يضر عظمتَه سبحانه، وماذا يضر سلطانه جلّ وعلا، أن نتوجه ببعض
إذن فاحتمال كون الطبيعة كأنها مطبعة، خرافة فاضحة لا معنى لها على الإطلاق.!
وهكذا على غرار ما شاهدناه في مثال «الساعة والكتاب»: إنَّ الصانع ذا الجلال وهو القادر على كل شئ، هو نفسه خالق الأسباب، وخالق المسبّبات، وهو الذي يربط المسبّبات بالأسباب بحكمته سبحانه، وقد عين بإرادته طبيعة الأشياء، وجعلها مرآة عاكسة لتجليات الشريعة الفطرية الكبرى التي فطر عليها الكون، والتي هي قوانين الله وسننه الجارية التي تخص تنظيم شؤون الكون، وقد أوجد بقدرته وجه «الطبيعة» التي يقوم عليها عالم الشهادة الخارجي الوجود، ثم خلق الأشياء وأنشأها على تلك الطبيعة ومازج بينهما بتمام الحكمة.
والآن نحيل الأمر إلى إنصاف عقلك المجحف ليرى: أيهما يستسيغه عقلك ويسهل عليه الاعتقاد به؟ أ هذه الحقيقة المعقولة النابعة من براهين دامغة غير محدودة -وهي مُلزمة إلى حدّ الوجوب- أم إعطاء ما يلزم للأشياء من أجهزة وأعضاء لا تحد، وإسناد أعمال تتسم بالحكمة والبصيرة إلى الشيء نفسه؟! أو نسبتها إلى ما تسمونه ب«الطبيعة» والأسباب التي هي مواد جامدة خالية من الشعور وهي مخلوقة مصنوعة؟ أليست هذه خرافة ممتنعة وخارجة عن نطاق الإمكان؟
يجيب عابد الطبيعة -ذلك الجاحد- قائلاً: ما دمت تدعوني إلى الإنصاف فأنا أعترف: بأنَّ ما سلكناه من طريق مضلّ إلى الآن مثلما أنه محال بمائة محال فهو مضر أيما ضرر، وهو في منتهى القبح والفساد. إنَّ مَن كان له مسكة من عقل يدرك من محاكماتكم العقلية، وتحقيقاتكم العلمية المسندة بالبراهين والمذكورة آنفاً، أن إسناد الإيجاد والخلق إلى الأسباب وإلى الطبيعة ممتنع عقلاً ومحال قطعاً، بل الواجب والضروري الملزم للعقل هو إسناد كل شيء مباشرة إلى واجب الوجود سبحانه، فاحمد الله الذي هداني إلى هذا الإيمان.
ولكن بقيتْ لدىّ شبهة واحدة فقط وهي: أنني أُؤمِن بالله ربّاً وأنه خالق كل شيء، ولكني أتساءل: ماذا يضر عظمتَه سبحانه، وماذا يضر سلطانه جلّ وعلا، أن نتوجه ببعض
Yükleniyor...