لتحويل هذا العمر الفاني إلى عمر باقٍ، بل يمكن تبديلُه إلى عمرٍ طويل معنىً، فلابد أنه -إنْ لم تسقط إنسانيتُه- سيبحث عن تلك الوسيلة وينقّب عنها، ولابد أنه سيسعى حثيثا لتحويل ذلك الممكن إلى فعل ملموس، ولابد أنه سيصبو إلى ذلك الهدف بأعماله وحركاته كافة.

فدونكم الوسيلة:

اعملوا لله، التقوا لوجه الله، اسعوا لأجل الله. ولتكن حركاتُكم كلُّها ضمن مرضاة الله (لله.. لوجه الله.. لأجل الله) وعندها ترون أن دقائقَ عمركم القصير قد أصبحت بحكم سنين عدة.

تشير إلى هذه الحقيقة «ليلةُ القدر» فمع أنها ليلةٌ واحدة إلّا أنها خيرٌ من ألف شهر -بنص القرآن الكريم- أي في حُكم ثمانين ونيف من السنين.

وهناك إشارة أخرى إلى الحقيقة نفسها، وهي القاعدة المقررة لدى أهل الولاية والحقيقة، تلك هي «بسط الزمان» الذي يثبتُه ويُظهره فعلاً المعراجُ النبوي، فقد انبسطت فيه دقائقٌ معدودة إلى سنين عدة، فكانت لساعات المعراج من السعة والإحاطة والطول ما لألوف السنين، إذ دخل ﷺ بالمعراج إلى عالم البقاء، فدقائقٌ معدودة من عالم البقاء تضم ألوفا من سني هذه الدنيا.

ومما يثبت حقيقة «بسط الزمان» هذا ما وقع من حوادث غزيرة للأولياء الصالحين، فقد كان بعضهم يؤدي في دقيقة واحدة ما يُنجَز من الأعمال في يوم كامل. وبعضهم أنجزوا في ساعة واحدة من المهمات ما يُنجَز في سنة كاملة، وبعضهم ختموا القرآن في دقيقة.

وهكذا فهذه الروايات عنهم وأمثالُها لا ترقى إليها الشبهات لأن الرواة صادقون صالحون يترفّعون عن الكذب، فضلاً عن أن الحوادث متواترةٌ وكثيرة جدا ويروونها روايةَ شهود. فلاشك فيها. فبسطُ الزمان حقيقة ثابتة. (1) وهناك نوعٌ منه يصدّقه كلُّ الناس، وهو ما يراه الإنسان من رؤيا في المنام، إذ قد يرى رؤيا لا تستغرق دقيقة واحدة، بينما يقضي فيها من


Yükleniyor...