رضي الله عنه وأمثاله من المجتهدين العظام: «إنَّ البسملة رغم أنها آية واحدة فإنها نزلت في القرآن مائة وأربع عشرة مرة». (7)

السر الرابع:

إنَّ تجلي الواحدية في مخلوقاتٍ لا حدّ لها، لا يحيط به كلُّ مَن يقول: ﹛﴿ اِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾|﹜ . حيث يتشتت الفكرُ ويتيه في تلك الكثرة، إذ يلزم لملاحظة ذات الله الأحد من خلال مجموع المخلوقات لدى خطاب: ﹛﴿ اِيَّاكَ نَعْبُدُ وَاِيَّاكَ نَسْتَع۪ينُ ﴾|﹜ وجودَ قلبٍ واسعٍ يسع الأرض كلها.

فبناءً على هذا السر الدقيق فإن الله سبحانه يبيّن بجلاء طابعَ الأحدية في كل جزءٍ مثلما يُظهِره في كل نوعٍ، وذلك لتُشَدَّ الأنظارُ إلى ذات الله الأحد، وليتمكن كلُّ شخص -مهما بلغتْ مرتبتُه- من التوجّه المباشر في خطابه : ﹛﴿ اِيَّاكَ نَعْبُدُ وَاِيَّاكَ نَسْتَع۪ينُ ﴾|﹜ إلى ذات الله الأقدس سبحانه من دون تكلّف أو صعوبة.

فتبياناً لهذا السر العظيم فإن القرآن الكريم عندما يبحث في آيات الله في أجواء الآفاق وفي أوسع الدوائر إذا به يذكُر أصغرَ دائرةٍ من دوائر المخلوقات وأدقَّ جزئيةٍ من جزئياتها، إظهاراً لطابع الأحدية بوضوح في كل شيء.

مثال ذلك:

عندما يبين القرآن الكريم آيات خلق السماوات والأرض يعقبها بآياتِ خلق الإنسان وبيانِ دقائق النعمة في صوته وبدائع الحكمة في ملامحه، كي لا يتشتت الفكرُ في آفاق شاسعة، ولا يغرق القلبُ في كثرة غير متناهية، ولتبلغ الروحُ معبودَها الحق دون وساطة.

فالآية الكريمة الآتية تبين الحقيقة السابقة بياناً معجزاً: ﹛﴿ وَمِنْ اٰيَاتِه۪ خَلْقُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَاخْتِلَافُ اَلْسِنَتِكُمْ وَاَلْوَانِكُمْ ﴾|﹜ (الروم: ٢٢).

وكذا فإن آيات الوحدانية وأختامَها مع أنها قد وُضعت في المخلوقات بكثرة غير متناهية، ابتداءً من أوسع الأختام وأكثرها كلية إلى أصغرها جزئية، في دوائر متداخلة وفي


Yükleniyor...