نعم لما كان الرسول ﷺ قد امتثل امتثالاً كاملاً قوله تعالى: ﹛﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَٓا اُمِرْتَ ﴾|﹜ (هود: ١١٢) فالاستقامةُ تظهر في جميع أفعاله وأقواله وأحواله ظهوراً لا لبسَ فيه.

فمثلاً: إن قواه العقلية قد سارت دائماً ضمن الحكمة التي هي محور الاستقامة والحد الوسط، مبرأةً عما يفسدُها ويكبتُها من إفراط وتفريط أي الغباء والخب.

وإن قواه الغضبية قد سارت دائماً ضمن الشجاعة السامية التي هي محور الاستقامة والحد الوسط، منزهةً عما يفسدها من إفراط وتفريط أي الجبن والتهور.

وإن قوته الشهوية قد اتخذت محورَ الاستقامة دائما وهي العفة واستقامت عليها بأسمى درجات العصمة، فصفت من فساد تلك القوة من إفراط وتفريط أي الخمود والفجور.

وهكذا فإنه ﷺ قد اختار حد الاستقامة في جميع سننه الشريفة الطاهرة وفي جميع أحواله الفطرية وفي جميع أحكامه الشرعية، وتجنّب كلياً من الظلم والظلمات أي الإفراط والتفريط، والإسراف والتبذير، حتى إنه قد اتخذ الاقتصادَ له دليلاً متجنباً الإسراف نهائياً، في كلامه وفي أكله وفي شربه.

وقد أُلّفت في تفصيل هذه الحقائق آلافُ المجلدات، إلّا أننا اكتفينا بهذه القطرة من البحر، إذ «العارف تكفيه الإشارة».

اللّهم صَلِّ على جامع مكارم الأخلاق ومظهر سر ﹛﴿ وَاِنَّكَ لَعَلٰى خُلُقٍ عَظ۪يمٍ ﴾|﹜ الذي قال: «من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد» .

﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذ۪ي هَدٰينَا لِهٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَٓا اَنْ هَدٰينَا اللّٰهُۚ لَقَدْ جَٓاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّۜ ﴾

﹛﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّمْتَنَاۜ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَل۪يمُ الْحَك۪يمُ ﴾|﹜



Yükleniyor...