وهذا الإحسان -من جهة- يعود عليّ كذلك، إذ إنني أتلذذ بسعادة أولئك، وأسعد بها.. فما دام في كل فرد حبٌ عميق وافتتان بالإحسان كما في المثل: «الإنسان عبد الإحسان» فلابد أن الإنسان أمام هذا الإحسان الأبدي غير المحدود سيقول: لو كان لي قلب بسعة الكون لاقتضى أن يُملأ حُباً وعشقاً تجاه ذلك الإحسان الإلهي، وأنا مشتاق لملئه، ولكن رغم أنني لست على مستوى تلك المحبة فعلا، إلّا أنني أهلٌ لها بالاستعداد والإيمان، وبالنية والقبول، وبالتقدير والاشتياق، وبالالتزام والإرادة.

وهكذا ينبغي قياس ما يظهره الإنسانُ من المحبة تجاه «الجمال» وتجاه «الكمال» بمقياس ما أشرنا إليه مجملاً من المحبة تجاه «الإحسان».

أما الكافر الملحد، فإنه يحمل عداءً لا حد له فهو يستخف بالموجودات من حوله، ويستهين بها، ويمتهنها، ويناصبها العداء والكراهية.

النقطة الثانية: إنَّ محبة الله تستلزم اتباع السنة الطاهرة لمحمد ﷺ، لأن حبَّ الله هو العمل بمرضياته، وأن مرضاته تتجلى بأفضل صورها في ذات محمد ﷺ. والتشبه بذاته المباركة في الحركات والأفعال يأتي من جهتين:

إحداهما: جهة حب الله سبحانه وإطاعة أوامره، والحركة ضمن دائرة مرضاته، هذه الجهة تقتضي ذلك الاتباع، حيث إن أكملَ إمام وأمثل قدوة في هذا الأمر هو محمد ﷺ.

وثانيتهما: جهة ذاته المباركة ﷺ التي هي أسمى وسيلة للإحسان الإلهي غير المحدود للبشرية، فهي إذن أهلٌ لمحبة غير محدودة لأجل الله وفي سبيله.

والإنسان يرغب فطرةً في التشبه بالمحبوب ما أمكن، لذا فالذين يسعَون في سبيل حب «حبيب الله» عليهم أن يبذلوا جهدهم للتشبه به باتباع سُنته الشريفة.

النقطة الثالثة: كما أن لله سبحانه وتعالى رحمةً غير متناهية، فله سبحانه كذلك محبةٌ غير متناهية. وكما أنه يُحبب نفسَه -بصورة غير محدودة- بمحاسن الكائنات جميعاً وبجمالها وزينتها إلى مخلوقاته، فإنه كذلك يحب مخلوقاته، ولاسيما أصحاب الشعور منهم الذين يقابلون تحببه لهم بالحب والتعظيم. لذا فإن أسمى مقصد الإنسان في مرضاة ربه، وأجلّ سعيه هو أن

Yükleniyor...