هذا علماً أن الأسباب نفسهَا لا يمكنها أن توجِد شيئاً بحد ذاتها قط. بل هي موضوعةٌ لصيانة عزة القدرة الإلهية وتنزيهها، ولتظل هي هدفاً مباشراً للشكاوى الظالمة والاعتراضات الباطلة.
ولقد ذكرنا في مقدمة المقام الثاني من «الكلمة الثانية والعشرين» أن مَلَك الموت «عزرائيل» عليه السلام وجد أن مهمة قبض الأرواح التي أوكلَتْ إليه مهمةٌ بغيضة لبني آدم، وسيكون من جرائها موضعَ سخطهم ومثار امتعاضهم، فناجى ربَّ العزة بشأن مهمته قائلاً:
- يا رب إن عبادَك سيسخطون عليّ!
وجاءه الجواب:
- سأضع ستار الأمراض وحجابَ المصائب بين مهمتك وبينهم، فلا تُصوَّب سهام الشكاوى والاعتراضات إليك، بل إلى الحُجُب.
فحسب مضمون هذه المناجاة نقول:
إن الذين لا يرون الوجه الصبوح الحقيقي للموت -المطل على أهل الإيمان- ولا يدركون ما فيه من رحمةٍ مدّخرة، يبدون اعتراضات وشكاوى، فتبرز أمامَهم مهمةُ عزرائيل عليه السلام حجاباً وستاراً، فلا تتوجه تلك الشكاوى الباطلة والاعتراضات المجحفة إلى الذات المقدسة للحي القيوم. ومثلما أن مهمة عزرائيل عليه السلام ستارٌ، فإن الأسباب الظاهرية الأخرى هي أيضاً حُجُب وأستار.
نعم، إنَّ العزة والعظمة تقتضيان أن تكون الأسبابُ حُجُباً بين يدي القدرة الإلهية أمام
Yükleniyor...