نعم، إنَّ الروح من حيث الماهية قانونٌ أمري. ولكن أُلبسَت وجوداً خارجياً، فهي ناموسٌ ذو حياة، وقانونٌ ذو وجود خارجي.

فالشيخ محي الدين قد نظر إلى الروح من حيث ماهيتِها فحسب، ويرى الأشياءَ خيالاً حسب مشرب «وحدة الوجود».

ولما كان الشيخ قد انتهج مسلكاً مستقلاً وكان صاحبَ مشرب مهم وله كشفيات ومشاهدات خارقة فإنه يلجأ باضطرار إلى تأويلاتٍ ضعيفة وتكلّف وتمحّل ليطبّق بعضَ الآيات الكريمة حسب مَشربه ومشهوداته، مما يخدشُ صراحة الآية الكريمة ويجرحُها.

ولقد بيّنا في رسائل أخرى المنهجَ القرآني ومنهجَ أهل السنة السنية القويم.

فالشيخ ابن عربي له مقام خاص لذاته، وهو من المقبولين، إلّا أنه بكشفياته التي لا ضوابطَ لها خرقَ الحدود وتجاوزها وخالَف جمهور المحققين العلماء في كثير من المسائل.

ولأجل هذا تكاد تقتصر طريقتُه الخاصةُ به لفترة قصيرة جداً في «صدر الدين القونوي»(∗) ويندر أن يُستفاد من آثاره استفادةً ذاتَ استقامة، مع كونه شيخاً عظيماً عاليَ القدر وقطباً خارقاً فريدَ زمانه. بل لا يحث كثيرٌ من العلماء المحققين والأصفياءُ على قراءة آثاره القيّمة، بل قسمٌ منهم يمنعون قراءتها.

إنَّ بيان الفرق الأساس بين مشرب الشيخ محي الدين بن عربي وأهلِ التحقيق من العلماء، وبيان منابعهما ومصادرهما يحتاج إلى دراسةٍ عميقة وبحثٍ دقيق ونظرٍ واسع رفيع.

نعم، إن الفرقَ دقيقٌ جداً وعميق جداً إلى درجة كبيرة، والمصدر رفيع وسام إلى حدٍ كبير، بحيث لم يؤاخَذ الشيخ ابن عربي على خطئه، وإنما ظل مقبولاً لدى العلماء. إذ لو كان الفرق والمصدر مشهودَين واضحين علماً وفكراً وكشفاً لكان سقوطاً مريعاً للشيخ وخطأً جسيماً له.

ولكن لما كان الفرقُ عميقاً جداً، فإننا نحاول أن نبين خطأَ الشيخ في تلك المسألة فحسب ونوضح ذلك الفرق وتلك المنابع في مثال باختصار شديد:

Yükleniyor...