وهكذا فإن مذهبَ أهل الحق لا يُنقِص من شأن سيدنا علي رضي الله عنه بأية جهة كانت، ولا يتّهمه في أخلاقه قطعاً، ولا يسند إلى مثل هذا البطل المقدام الخوفَ، ويقولون: لو لم يكن سيدُنا علي رضي الله عنه يرى الحق في الخلفاء الراشدين لما كان يعطيهم الولاء لدقيقة واحدة وما كان ينقاد لحكمهم أصلاً.
بمعنى أنه رضي الله عنه قد عرف أنهم على حق وأقرّ بفضلهم فبذل شجاعته الفائقة في سبيل محبة الحق.
نحصّل مما سبق: أنه لا خير في الإفراط والتفريط في كل شيء. وإن الاستقامةَ هي الحد الوسط الذي اختاره أهل السنة والجماعة، ولكن مع الأسف كما تستر بعضُ أفكار الخوارج والوهابية بستار أهل السنة والجماعة فإن قسماً من المفتونين بالسياسة والملحدين ينتقدون سيدَنا علياً رضي الله عنه ويقولون: «إنه لم يوفَّق كاملاً في إدارة دفّة الخلافة لجهله -حاشاه- بالسياسة فلم يقدر على إدارة الأمة في زمانه». فإزاء هذا الاتهام الباطل من هؤلاء اتخذ الشيعةُ طورَ الغيظ والاستياء من أهل السنة. والحال إن دساتير أهل السنة وأسسَ مذهبهم لا تستلزم هذه الأفكار بل تثبت عكسها. لذا لا يمكن إدانة أهل السنة بأفكار تردُ من الخوارج ومن الملحدين قطعاً، بل إن أهل السنة هم أكثرُ ولاءً وحباً من الشيعة لسيدنا علي رضي الله عنه. فهم في جميع خُطبهم ودعواتهم يذكرون سيدنا علياً رضي الله عنه بما يستحقه من الثناء وعلو الشأن ولاسيما الأولياءُ والأصفياء الذين هم بأكثريتهم المطلقة على مذهب
Yükleniyor...