بدنو وقت مفارقة من لا يحصى من الأحبة والأصدقاء، فأخذتُ أبحثُ عن ضماد لهذا الجرح المعنوي الغائر، الذي لا يُرجى له دواء ناجع كما يبدو!. لم أستطع أن أعثر له على علاج، فقلت أيضاً كما قال نيازي المصري:

حكمة الإله تقضى فناء الجسد والقلب تواق إلى الأبد

لهف نفسي من بلاء وكمد حار لقمان في إيجاد الضمد

وبينما كنت في هذه الحالة إذا بنور الرسول الكريم ﷺ الذي هو رحمة الله على العالمين، ومثالُها الذي يعبّر عنها، والداعي إليها، والناطق بها، وإذا بشفاعته، وبما أتاه من هدية الهداية إلى البشرية، يصبح بلسماً شافياً، ودواءً ناجعاً لذلك الداء الوخيم الذي ظننته بلا دواء، ويبدل ذلك اليأس القاتم الذي أحاطني إلى نور الرجاء الساطع.

أجل، أيها الشيوخ وأيتها العجائز الموقرون، ويا من تشعرون كلكم بالشيخوخة مثلي!. إننا راحلون ولا مناص من ذلك.. ولن يُسمح لنا بالمكوث هنا بمخادعة النفس وإغماض العين، فنحن مساقون إلى المصير المحتوم. ولكن عالم البرزخ، ليس هو كما يتراءى لنا بظلمات الأوهام الناشئة من الغفلة، وبما قد يصوّره أهل الضلالة، فليس هو بعالم الفراق، ولا بعالم مظلم، بل هو مجمع الأحباب، وعالم اللقاء مع الأحبة والأخلّاء، وفي طليعتهم حبيبُ رب العامين وشفيعنا عنده يوم القيامة عليه أفضل الصلاة والسلام.

نعم، إنَّ مَن هو سلطان ثلاثمائة وخمسين مليوناً من الناس في كل عصر، عبر ألف وثلاثمائة وخمسين سنة وهو مربّي أرواحهم، ومرشدُ عقولهم، ومحبوب قلوبهم، والذي يُرفع إلى صحيفة حسناته يومياً أمثال ما قدمت أمته من حسنات، إذ «السبب كالفاعل» والذي هو مدار المقاصد الربانية، ومحور الغايات الإلهية السامية في الكون، والذي هو السبب لرقي قيمة الموجودات وسمّوها، ذلك الرسول الأكرم ﷺ، فكما أنه قال في الدقائق الأولى التي تشرّف العالم به «أمتي.. أمتي..» كما ورد في الروايات الصحيحة (2) والكشفيات الصادقة، فإنه ﷺ يقول في المحشر أيضاً: «أمتي.. أمتي..» ويسعى بشفاعته إلى إمداد أمته وإغاثتها بأعظم رحمة وأسماها وأقدسها وأعلاها، في الوقت الذي يقول كلّ فرد من الجموع العظيمة: «نفسي.. نفسي». فنحن إذن ذاهبون إلى العالم

Yükleniyor...