القسم الثاني: هو الرزق المجازي، فالذي يسيء استعماله لا يستطيع أن يتخلّى عن الحاجات غير الضرورية، التي غدت ضروريةً عنده نتيجة الابتلاء ببلاء التقليد. وثمن الحصول على هذا الرزق باهظ جداً ولاسيما في هذا الزمان، حيث لا يدخل ضمن التعهد الرباني، إذ قد يتقاضى ذلك المال لقاء تضحيته بعزته سلفاً راضياً بالذل، بل قد يصل به حد السقوط في هاوية الاستجداء المعنوي، والتنازل إلى تقبيل أقدام أناسٍ منحطين وضيعين، لا بل قد يحصل على ذلك المال المنحوس الممحوق بالتضحية بمقدساته الدينية التي هي نور حياته الخالدة. ثم إنَّ الألم الذي ينتاب ذوي الوجدان من حيث العاطفة الإنسانية -بما يرونه من آلام يقاسيها المحتاجون البائسون في هذا الزمان الذي خيّم عليه الفقرُ والحاجة- يشوّب لذتَهم التي يحصلونها بأموال غير مشروعة، وتزداد مرارتُها إن كانت لهم ضمائر. إنه ينبغي في هذا الزمان العجيب الاكتفاء بحدّ الضرورة في الأموال المريبة، لأنه حسب قاعدة «الضرورة تُقَدّر بقدرها» (4) يمكن أن يؤخذ باضطرارٍ من المال الحرام حدُّ الضرورة وليس أكثر من ذلك. وليس للمضطر أن يأكل من الميتة إلى حدّ الشبع، بل له أن يأكل بمقدار ما يحول بينه وبين الموت. وكذا لا يؤكل الطعام بشراهة أمام مائة من الجائعين.
نورد هنا حادثة واقعية للدلالة على كون الاقتصاد سبب العزة والكمال:
أقام «حاتم الطائي»(∗) المشهور بكرمه وسخائه ضيافة عظيمة ذات يوم وأغدق هدايا ثمينة على ضيوفه. ثم خرج للتجوال في الصحراء، فرأى شيخاً فقيراً يحمل على ظهره حملاً ثقيلاً من الحطب والكلأ والشوك والدم يسيل من بعض جسمه.. فخاطبه قائلاً:
- أيها الشيخ، إنَّ حاتماً الطائي يقيم اليوم ضيافة كريمة ويوزع هدايا ثمينة، بادر إليه لعلك تنال منه أموالاً أضعاف أضعاف ما تناله من هذا الحمل!.
قال له ذلك الشيخ المقتصد: سأحمل حملي هذا بعزة نفسي وعرق جبيني، ولا أرضى أن أقع تحت طائل منّة حاتم الطائي.
ولما سُئل حاتم الطائي يوماً:
- مَنْ من الناس وجدتَهم أعزَّ منك وأكرم؟.
نورد هنا حادثة واقعية للدلالة على كون الاقتصاد سبب العزة والكمال:
أقام «حاتم الطائي»(∗) المشهور بكرمه وسخائه ضيافة عظيمة ذات يوم وأغدق هدايا ثمينة على ضيوفه. ثم خرج للتجوال في الصحراء، فرأى شيخاً فقيراً يحمل على ظهره حملاً ثقيلاً من الحطب والكلأ والشوك والدم يسيل من بعض جسمه.. فخاطبه قائلاً:
- أيها الشيخ، إنَّ حاتماً الطائي يقيم اليوم ضيافة كريمة ويوزع هدايا ثمينة، بادر إليه لعلك تنال منه أموالاً أضعاف أضعاف ما تناله من هذا الحمل!.
قال له ذلك الشيخ المقتصد: سأحمل حملي هذا بعزة نفسي وعرق جبيني، ولا أرضى أن أقع تحت طائل منّة حاتم الطائي.
ولما سُئل حاتم الطائي يوماً:
- مَنْ من الناس وجدتَهم أعزَّ منك وأكرم؟.
Yükleniyor...