كي تصعد من مرتبة الحياة النباتية إلى مرتبة الحياة الحيوانية. حتى نمت تلك البذيرات نمواً واسعاً إلى حد صارت تلك الغرفةُ منها -بإذن خالقها- حديقة غنّاء وجنةً فيحاء مزدهرة بالأزهار المتنوعة والأشجار المختلفة، فانظر هل ترى خطأً أو فطوراً ﹛﴿ فَارْجِعِ الْبَصَرَۙ هَلْ تَرٰى مِنْ فُطُورٍ ﴾|﹜ (المُلك: ٣).

لقد أظهرت كلُ بذرة بتجلي اسم الله «الحفيظ» وإحسانه ما ورثَته من ميراث أبيها وأصلها بلا نقصان وبلا التباس.

فالحفيظ الذي يفعل هذا الحفظ المعجِز يشير به إلى إظهار التجلي الأكبر للحفيظية يوم الحشر الأكبر والقيامة العظمى.

نعم، إن إظهار كمال الحفظ والعناية في مثل هذه الأمور الزائلة التافهة بلا قصور، لهو حجةٌ بالغة على محافظة ومحاسبة ما له أهمية عظيمة وتأثير أبدي كأفعال خلفاء الأرض وآثارهم، وأعمال حملة الأمانة وأقوالهم، وحسنات عبدة الواحد الأحد وسيئاتهم..

﹛﴿ اَيَحْسَبُ الْاِنْسَانُ اَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾|﹜ (القيامة: ٣٦) بلى إنه لمبعوثٌ إلى الأبد، ومرشّحٌ للسعادة الأبدية أو الشقاء الدائم، فيحاسَبُ على السَبَد واللَّبَد (10) فإما الثواب وإما العقاب.

وهكذا فهناك ما لا يحد ولا يُعد من دلائل التجلي لاسم الله الحفيظ، وشواهد حقيقة الآية المذكورة.

فهذا المثال الذي تنسج على منواله ليس إلّا قبضة من صُبرة، (11) أو غرفة من بحر، أو حبة من رمال الدهناء، ونقطة من تلال الفيفاء، (12) وقطرة من زلال السماء، فسبحانه من حفيظ رقيب وشهيد حسيب.

﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّمْتَنَاۜ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَل۪يمُ الْحَك۪يمُ ﴾



∑اللمعة الثامنة عشرة>

ستدرج بإذن الله ضمن مجموعة أخرى.

Yükleniyor...