يا ربيَ الرحيم ويا إلهيَ الكريم!

قد ضاع بسوء اختياري عمري وشبابي، وما بقي من ثمراته في يدي إلّا آثامٌ مؤلمة مُذلّة، وآلام مضرّة مُضلّة، ووساوسٌ مزعجة معجزة، وأنا بهذا الحمل الثقيل، والقلب العليل، والوجه الخجيل متقربٌ -بالمشاهدة- بكمال السرعة، بلا انحراف وبلا اختيار كآبائي وأحبابي وأقاربي وأقراني إلى باب القبر، بيت الوحدة والانفراد في طريق أبد الآباد، للفراق الأبدي من هذه الدار الفانية الهالكة باليقين، والآفلة الراحلة بالمشاهدة، ولا سيما الغدّارة المكّارة لمثلي ذي النفس الأمارة.

فيا ربي الرحيم ويا ربي الكريم!

أراني عن قريب لبِستُ كفني وركبتُ تابوتي، وودعت أحبابي، وتوجهت إلى باب قبري، فأنادي في باب رحمتك: الأمانَ الأمان يا حنان يا منّان، نجني من خجالة العصيان.

آهٍ.. كفني على عنقي، وأنا قائم عند رأس قبري، أرفع رأسي إلى باب رحمتك أُنادي: الأمانَ الأمان يا رحمن يا حنّان، خلصني من ثقل حمل العصيان.

آهٍ.. أنا ملتف بكفني وساكن في قبري وتركني المشيعون، وأنا منتظر لعفوك ورحمتك.. ومشاهدٌ بأن لا ملجأ ولا منجا إلّا إليك، وأُنادي: الأمان الأمانَ من ضيق المكان، ومن وحشة العصيان، ومن قبح وجه الآثام. يا رحمن يا حنان.. يا منّان.. ويا ديّان نجني من رفاقة الذنوب والعصيان..

إلهي! رحمتُك ملجئي ووسيلتي، وإليك أَرفع بثي وحزني وشكايتي.

يا خالقي الكريم، ويا ربي الرحيم، ويا سيدي، ويا مولاي.. مخلوقُك، ومصنوعك وعبدك العاصي العاجز، الغافل، الجاهل العليل الذليل المسيء المسنّ الشقي الآبق، قد عاد بعد أربعين سنة إلى بابك ملتجئاً إلى رحمتك، معترفاً بالذنوب والخطيئات مبتلىً بالأوهام والأسقام، متضرعاً إليك.. فإن تقبل وتغفر وترحم فأنت لذاك أهلٌ وأنت أرحم الراحمين، وإلّا فأيّ بابٍ يُقصَد غير بابك.. وأنت الرّبُ المقصود والحق المعبود. ولا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك.. آخر الكلام في الدنيا وأول الكلام في الآخرة وفي القبر: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ﷺ.

Yükleniyor...