فإنك إذا نظرت إلى المرآة من حيث إنها زجاجةٌ، ترى مادتَها الزجاجية، وتكون الصورةُ المتمثلة فيها شيئاً ثانوياً، بينما إن كان القصدُ من النظر إلى المرآة رؤية الصورة المتمثلة فيها، فالصورة تتوضّح أمامك حتى تدفعك إلى القول ﹛﴿ فَتَبَارَكَ اللّٰهُ اَحْسَنُ الْخَالِق۪ينَ ﴾|﹜ (المؤمنون:١٤) بينما تبقى زجاجةُ المرآة أمراً ثانوياً.

النظرة الأولى تمثل (المعنى الاسمي) أي زجاجة المرآة معنىً مقصود، وصورةُ الشخص المتمثلة فيها (معنى حرفي) غير مقصود.

أما النظرة الثانية فصورةُ الشخص هي المقصودة، فهي إذن معنى (اسمي) أما الزجاج فمعنى (حرفي).

وهكذا ورد في كتب النحو تعريف الاسم أنه: ما دلّ على معنى في نفسه. أما الحرف فهو: ما دلّ على معنى في غيره.

فالنظرة القرآنية إلى الموجودات تجعل الموجودات جميعَها حروفاً، أي أنها تعبّر عن معنى في غيرها، بمعنى أنها تعبّر عن تجليات الأسماء الحسنى والصفات الجليلة للخالق العظيم المتجلية على الموجودات.

أما نظرة الفلسفة الميتة فهي تنظر على الأغلب بالنظر الاسمي إلى الموجودات، فتزلّ قدمها إلى مستنقع الطبيعة.

وعلى كل حال فلا متّسع لي من الوقت كي أتكلم كثيراً، حتى إنني لا أستطيع أن أكتب القسم الأخير المهم من الفهرس الذي هو سهل يسير.

بلّغ سلامي إلى رفقائك في الدرس وبخاصة خسرو، بكر، رشدي، لطفي، الشيخ مصطفى، الحافظ احمد، سزائي، المحمدون والعلماء، وإني لأدعو للأطفال الأبرياء المباركين في بيتكم المبارك.

الباقي هو الباقي

§أخوكم>

§سعيد النورسي>

Yükleniyor...