نعم، إن تعابير القرآن الكريم البليغة المعجزة ترشد بهذه الجملة إلى مسائل كثيرة:
فأولاً إن سياحة ذي القرنين كانت إلى جهة الغرب.. وفي وقت عزّ الحرّ.. ونحو المستنقعات.. وموافقتها أوان غروب الشمس.. وحين انفلاق جبل بركاني.. كلُّ هذا تشير به الآية الكريمة إلى مسائلَ مليئةٍ بالعِبر منها استيلاء ذي القرنين على إفريقيا استيلاءً تاماً.
ومن المعلوم أن الحركة المشهودة للشمس إنما هي حركةٌ ظاهرية، وهي دليلٌ على حركة الأرض الخفية -غير المحسوس بها- وهي تُخبر عن تلك الحركة. وليس المراد حقيقةَ الغروب. (5)
ثم إن كلمة ﹛﴿ عَيْنٍ ﴾|﹜ إنما هي للتشبيه، إذ البحر العظيم يُرى من بعيد كحوض صغير، فتشبيه البحر المشاهد من خلف الضباب والأبخرة المتولدة من المستنقعات والبُرَك بلفح الحرارة ب ﹛﴿ عَيْنٍ حَمِئَةٍ ﴾|﹜ أي عين تنبع من طين، وكذا استعمال كلمة ﹛﴿ عَيْنٍ ﴾|﹜ التي تعني في اللغة العربية: الينبوع والشمس والبصر، ينطوي على سرّ بلاغي دقيق وعلاقة وثيقة. (6) فكما بدا الغروب لنظر ذي القرنين من بُعد هكذا. فإن الخطاب القرآني النازل من العرش الأعظم المهيمن على الأجرام السماوية، حريٌّ بهذا الخطاب السماوي ومنسجم مع عظمته ورفعته قوله بأن الشمس المسخّرة سراجاً في مضيف رحماني، تختفي في «عين» ربانية وهي البحر المحيط الغربي، معبراً بأسلوبه المعجز أن البحر «عين» حامية. نعم هكذا يبدو البحر للعيون السماوية.
حاصل الكلام: إن التعبير ب ﹛﴿ عَيْنٍ حَمِئَةٍ ﴾|﹜ للبحر المحيط الغربي إنما هي بالنسبة لذي القرنين الذي رأى من بُعد ذلك البحر العظيم كأنه عينُ ماء. أما النظر القرآني الذي هو قريب إلى كل شيء، فلا ينظر نظر ذي القرنين من بعيد الذي يداخله خداعُ البصر، بل لأنه نزل من السماء مطلعاً عليها، ولأنه يرى الأرض ميداناً أو قصراً وأحياناً مهداً أو صحيفة، فإن تعبيره ب ﹛﴿ عَيْنٍ ﴾|﹜ للبحر العظيم وهو المحيط الأطلسي الغربي المغطى بالضباب والأبخرة إنما يبين علوّه ورفعتَه وسموّه وعظمته.
فأولاً إن سياحة ذي القرنين كانت إلى جهة الغرب.. وفي وقت عزّ الحرّ.. ونحو المستنقعات.. وموافقتها أوان غروب الشمس.. وحين انفلاق جبل بركاني.. كلُّ هذا تشير به الآية الكريمة إلى مسائلَ مليئةٍ بالعِبر منها استيلاء ذي القرنين على إفريقيا استيلاءً تاماً.
ومن المعلوم أن الحركة المشهودة للشمس إنما هي حركةٌ ظاهرية، وهي دليلٌ على حركة الأرض الخفية -غير المحسوس بها- وهي تُخبر عن تلك الحركة. وليس المراد حقيقةَ الغروب. (5)
ثم إن كلمة ﹛﴿ عَيْنٍ ﴾|﹜ إنما هي للتشبيه، إذ البحر العظيم يُرى من بعيد كحوض صغير، فتشبيه البحر المشاهد من خلف الضباب والأبخرة المتولدة من المستنقعات والبُرَك بلفح الحرارة ب ﹛﴿ عَيْنٍ حَمِئَةٍ ﴾|﹜ أي عين تنبع من طين، وكذا استعمال كلمة ﹛﴿ عَيْنٍ ﴾|﹜ التي تعني في اللغة العربية: الينبوع والشمس والبصر، ينطوي على سرّ بلاغي دقيق وعلاقة وثيقة. (6) فكما بدا الغروب لنظر ذي القرنين من بُعد هكذا. فإن الخطاب القرآني النازل من العرش الأعظم المهيمن على الأجرام السماوية، حريٌّ بهذا الخطاب السماوي ومنسجم مع عظمته ورفعته قوله بأن الشمس المسخّرة سراجاً في مضيف رحماني، تختفي في «عين» ربانية وهي البحر المحيط الغربي، معبراً بأسلوبه المعجز أن البحر «عين» حامية. نعم هكذا يبدو البحر للعيون السماوية.
حاصل الكلام: إن التعبير ب ﹛﴿ عَيْنٍ حَمِئَةٍ ﴾|﹜ للبحر المحيط الغربي إنما هي بالنسبة لذي القرنين الذي رأى من بُعد ذلك البحر العظيم كأنه عينُ ماء. أما النظر القرآني الذي هو قريب إلى كل شيء، فلا ينظر نظر ذي القرنين من بعيد الذي يداخله خداعُ البصر، بل لأنه نزل من السماء مطلعاً عليها، ولأنه يرى الأرض ميداناً أو قصراً وأحياناً مهداً أو صحيفة، فإن تعبيره ب ﹛﴿ عَيْنٍ ﴾|﹜ للبحر العظيم وهو المحيط الأطلسي الغربي المغطى بالضباب والأبخرة إنما يبين علوّه ورفعتَه وسموّه وعظمته.
Yükleniyor...