وأمثالِها كالخفافيش أمام تلك الشمس الساطعة والسراج المنير فأغمضوا أعينهم عنها، فارتموا في أحضان القوة الدافعة الشيطانية، وظلوا في الضلالة ولم ينجذبوا بجاذبية القرآن العظمى وحقائقه الخالدة.

وإذا قيل: لما كان الرسول الأكرم ﷺ حبيبَ رب العالمين ولا ينطق إلّا بالحقّ ولا يملك إلّا الحقيقة، وقد أمدّه الله في غزواته بملائكةٍ جنوداً مسوّمين، وارتوى جيشٌ كامل من غرفة من ماء تفجّر من بين أصابعه، (2) وشَبعَ ألف من الناس بشاةٍ مطبوخة وحفناتٍ من قمح، (3) وهزم الكفارَ بقبضة من تراب رماها على عيونهم ودخلت تلك القبضة من التراب في عين كل كافر.. (4) إن قائداً ربانياً يملك أمثالَ هذه المعجزات الباهرة وكثيراً غيرها، كيف يُغلَب في نهاية «أُحد» (5) وبداية «حُنَين»؟. (6)

الجواب: إن الرسول ﷺ قد أُرسل إلى البشرية كافة، قدوةً وإماماً ورائداً، كي تتعلم منه مناهجَ الحياة الاجتماعية والشخصية ودساتيرَها، وتَتعوّد على الانقياد لقوانين الإرادة الإلهية الحكيمة وتنسجم مع دساتيرها الربانية. فلو كان الرسول ﷺ مستنداً إلى المعجزات وخوارق العادات في جميع أفعاله الشخصية منها والاجتماعية لَما تسنّى له أن يكون إماماً مطلقاً ولا قدوةً كاملة حسنة للبشرية قاطبةً.

ولهذا السبب لم يُظهر ﷺ المعجزات إلّا تصديقاً لدعواه، بشكل متفرق، عند الحاجة، لكسر عِناد المُنكِرين. أما في سائر الأوقات فقد كان ﷺ مراعياً بكل دقة لقوانين عادة الله ولسننه الجارية، ومطيعاً طاعةً كاملة لنواميسه المؤسسّة على الحكمة الربانية والمشيئة الإلهية، كطاعته ومراعاته للأوامر الإلهية، لذا كان ﷺ يلبس الدرعَ في الحروب، (7) ويأمر الجنود

Yükleniyor...